ناهض حتّر
التصريحات العنيفة المنفلتة التي أطلقها بيان صولاغ في عمان، تعبر عن القلق الايراني ازاء السياسة السعودية الجديدة في العراق.
لقد ندد وزير الخارجية السعودي، سعود الفيصل، علنا، بالسياسة الامريكية التي تسلم العراق للايرانيين، ثم بلور مبادرة للمصالحة الوطنية العراقية تحت اشراف الجامعة العربية. وهي مبادرة كنا نرجوها، من وقت طويل، لانها تشكل نقطة البداية لجلاء القوات الاجنبية واعادة بناء الدولة العراقية.
الاهتمام السعودي المفاجىء بقضية العراق، ينطلق من ثلاث حقائق هي:
(1) ان السعودية التي كانت ضد الحرب، اضطرت لمسايرة الضغوط الامريكية، ومن الواضح الان ان السعوديين توصلوا الى الاستنتاج بان القوة الامريكية انكسرت في العراق، وهي مشغولة بالبحث عن مخرج. وهو ما يعطي للرياض هامشا واسعا للتحرك.
(2) لقد انتهى الامريكيون، بالفعل، تحت ضغط الفشل العسكري والسياسي في العراق، الى التواطؤ مع القوى الحليفة لايران التي اصبحت الدولة الاكثر نفوذا في ارض الرافدين. ومن الواضح ان هذه النتيجة تقلق السعوديين بشدة.
(3) ان انتقال العرش الى الملك عبدالله بن عبدالعزيز ينطوي على تغيير جدي في السياسة السعودية، صحيح انه كان يدير البلاد من موقعه وليا للعهد، لكنه الملك عبدالله -مثلما يقول معلقون صحافيون امريكيون- لم يكن وليس راضيا عن الحملات الامريكية التي تستهدف القبائل العربية المنتشرة بين السعودية والعراق.
وبالمحصلة، فقد ظهرت الان فجوة بين السياسة السعودية-وبالتالي: العربية والسياسة الامريكية في العراق. ومن الواضح ان السعودية تتحرك باتجاه حل عربي للقضية العراقية. فهل تغتنم الدبلوماسية الاردنية، الفرصة للاندماج في الجهد العربي المنتظر ازاء العراق؟
لدى عمان حلفاء محتملون عديدون في الساحة العراقية، يحتاجون الى اشكال مختلفة من الدعم الاردني، وتوجد مع جميع الاطراف خطوط اتصال اردنية.
غير ان المطلوب، كخلفية، هو تكوين استراتيجية مستقلة ازاء الشأن العراقي، تنطلق من اولوية انهاء الاحتلال والمصالحة وعروبة العراق ووحدته ومساعدته على اعادة البناء -بروح الاخوة – وتندرج في تفعيل الحل العربي للقضية العراقية.