ناهض حتّر
تشير التسريبات الراشحة من لجنة الاجندة الوطنية ومن مواقع القرار، الى اتجاه يتبلور للابقاء على النظام الانتخابي القائم على الصوت الواحد في دوائر مناطقية مفصلة متعددة المقاعد. وهو النظام الذي قوّض الحياة السياسية والنيابية منذ العام 1993 ، واجهض نمو الديمقراطية الاردنية. لماذا؟ لانه يعرقل تبلور القوى الاجتماعية السياسية، والتيارات والاحزاب، ويحصر التمثيل السياسي في اطر منكفئة على ذاتها، تستبعد المثقفين والشخصيات العامة، لصالح الحظوظ الفردية والحسابات العشائرية والجهوية، وتفرز، في النهاية، نواباً فرديين غير مقيدين بالتزامات اجتماعية – سياسية.
واذا تم الابقاء على نظام «الصوت الواحد»، فهذا يعني ان النظام السياسي الاردني يخسر فرصة تجديد نفسه، وفرصة تجديد دماء النخبة السياسية الوطنية، لمدة اربع سنوات اضافية.
يُقال ان « الصوت الواحد» هو الوسيلة الوحيدة للحفاظ على التركيبة الوطنية للبرلمان. وهذا خطأ في القراءة السياسية او انه تضليل متعمد. فهناك بدائل واضحة لضمان التركيبة الوطنية والتفعيل الديمقراطي للحياة السياسية والنيابية، في آن معاً. ومن هذه البدائل: اعتماد المحافظات كدوائر انتخابية «على اساس القائمة» من دون المسّ بنسبة المقاعد النيابية لكل محافظة. وهو ما يسمح بانعاش التفاعل الاجتماعي – السياسي وتجديد النخب في المحافظات من دون مخاوف من تغيير تركيبة البرلمان او سيطرة تيار سياسي واحد على معظم مقاعده.
والبديل الافضل – والأجرأ – هو اعتماد المحافظة دائرة انتخابية على اساس القائمة النسبية وزيادة المقاعد النيابية للمحافظات بما يتلاءم مع الحسابات النسبية. وهو ما يسمح بتعزيز التركيبة الوطنية للبرلمان، واطلاق قوى المجتمع للمشاركة الفعالة في الحياة السياسية.
هذا البديل الوطني الديمقراطي غير مطروح – حتى الآن – بينما الارجح ان يكون هناك تسوية بين اتجاهين «1» اتجاه ليبرالي – لا وطني يقول بالقائمة النسبية على صعيد المملكة وهو بديل مرفوض، نهائىاً، سواء أكان بنسبة 100 بالمئة ام بنسبة 10 بالمئة، لانه يعني التأسيس السياسي للوطن البديل «2» واتجاه وطني تقليدي معادٍ للديمقراطية يقول بالابقاء على نظام الصوت الواحد. وهي تجربة ميتة، وشبعت موتاً. ولا يمكن احياؤها.