لا اصلاح ولا سلام

ناهض حتّر
الخلاف الخفيف في «منتدى المستقبل» بين وجهة النظر العربية المطالبة بأولوية «السلام» ووجهة النظر الامريكية التي تتحدث عن اولوية «الاصلاح»، بلا معنى. فالمشروع الامريكي «الاصلاحي» في المنطقة، سقط، اخلاقياً وسياسياً، ولم تعد واشنطن تبحث، الآن عن «التغيير» بل عن «الاستقرار».

العرب المعتدلون – وقد امنوا من الضغوط «الاصلاحية» الامريكية – يدركون مدى حاجة الولايات المتحدة الى مساعدتهم لها على الخروج من المأزق العراقي، وتكوين حلف لمجابهة التمدد الاستراتيجي الايراني. وهم يدركون اكثر ان هذا الحلف ليس ممكنا – والادق ليس قادرا على الفعل – من دون حل القضية الفلسطينية والتوصل الى سلام مقبول شعبياً.

وزيرة الخارجية الامريكية، كوندليزا رايس – ومعها انصار في ادارة بوش – مقتنعة بوجهة النظر العربية، ولكن في حدود «تحريك العملية السلمية»، وليس البت الفوري «بالسلام» وعلى الرغم من ان تل ابيب هي الآن – بعد هزيمتها المرة في لبنان – هي في حالة ضعف سياسي من الممكن استغلاله امريكيا في مبادرة سلمية، فان رئيس الوزراء الاسرائيلي، ايهود اولمرت، هو الذي حدد سقف ومديات احياء العملية السلمية التي اصبحت الآن ضرورة اسرائيلية ايضا.

هذا السقف ما يزال واطئاً جداً، ولن يفيد في خلق ارضية سياسية – نفسية للقبول باسرائيل، ومع ذلك فان شهية طرفيّ الصراع الفلسطيني – الفلسطيني، فتح وحماس، انفتحت، فانغلق بالتالي، الحوار لتشكيل حكومة وحدة وطنية.

الرئاسة الفلسطينية تظن انها تستطيع – حين يبدأ التحريك النوعي للعملية السلمية – ان تهمش الحكومة الحماسية كلياً. بالمقابل، حماس اصبحت اكثر استعداداً – بل قل متلهفة – للتجاوب مع الشروط الامريكية – الاسرائيلية للسلام، بما في ذلك الاعتراف باسرائيل ودولة ال¯¯ ،67 على ان تعقد حماس، «الصفقة» بنفسها. وكل ما تريده حماس الآن هو تحديد اطار زمني للتنفيذ، حدده خالد مشعل، بستة اشهر، بينما ابدى رفيقه الاكثر اعتدالاً، اسماعيل هنية، مرونة اكثر ازاء الجدول الزمني للحل. فالمهم – عنده – الا تكون العملية السلمية «مفتوحة» لئلا تقع حماس في المطب الفتحاوي القاتل.

حماس لم تعد، فجأة المشكلة، بل جزءاً من الحل، وربما الحل، وانفتحت امام رئيس وزرائها، عاجلاً، ابواب العواصم.. واظن ان السّر، ههنا، مكشوف، وعد الحماسيون بقطع العلاقات مع طهران، والانضمام الى حلف المعتدلين… لقاء استئثارهم بالسلطة.. وبالحل.

هذا الاختراق – الفلسطيني – لحلف المعتدلين تقابله الخسارة المتوقعة للعضو اللبناني في الحلف، حكومة 14 شباط التي يحاصرها مئات الآلاف من المعارضين اللبنانيين.

رايس لم تخجل ان تصف ثلاثة ارباع الشعب اللبناني بأنه عميل لسورية وايران. وهي تجدد دعمها لحكومة السنيورة في مواجهة التغيير والاصلاح والشعب وارادته الحرة.

من الممّل ان نتحدث مرة اخرى، عن «ازدواجية المعايير» ولكن أليس من المعيب ان تقف فرنسا، الجمهورية والديمقراطية، في صف حكومة محاصرة بالجماهير الديمقراطية؟.

ولندن. هي الاخرى، تحرص على حكومة السنيورة، وتهمل ملفات الفساد التي كشفها ويكشفها العماد ميشال عون!.

في السابق، تعطل التحديث والتغيير الديمقراطي والتقدم، تحت ضغوط اولوية الحرب الباردة الامريكية – السوفياتية، بينما كان العرب المعتدلون يحاولون مقايضة التحالف مع واشنطن بحل عادل للقضية الفلسطينية.

الان، تتكرر المعادلة في اولوية المواجهة الامريكية – الايرانية: لا تغيير ولا اصلاح ولا ديمقراطية.. ولكن تحالف ضد ايران لقاء مساعٍ للسلام مع اسرائيل.

مأساة… فالصراع الامريكي – الايراني ليس كونياً ولا حتى استراتيجيا.. ومن الممكن حله – في العراق – حيث ورطة الولايات المتحدة تشتدّ، بينما التيار الامريكي الداعي للتفاهم مع طهران – للخروج من تلك الورطة – هو الاقوى.. وسوف يفرض نفسه في وقت قريب – وحينها لن يعرف حلف المعتدلين.. اين هو «المستقبل»!.

Posted in Uncategorized.