ناهض حتّر
باعتبارهم مجرمين محترفين، أو للدقة العلمية: باعتبارهم جنوداً ماتت قلوبهم واعتادوا القتل السهل، وخصوصاً اطلاق النار على المدنيين، وجدت السلطات الامريكية في جنودها العائدين من العراق، الفصيل الاكثر كفاءة لضبط الأمن في مدينة “نيو أورلينز”، مزودين بأوامر صريحة: القتل.
هكذا، إذن، وُجِدَتْ، اخيراً، فائدة ما للحرب الامريكية في العراق. وهي تدريب قوات امريكية على القمع الداخلي، بلا رحمة حتى الرصاصة الأخيرة.
«نيو أورلينز» مدينة استباحها الاعصار المدمر كاترينا، وشرّد أبناءها. الموتى بالالاف والخدمات العامة محطمة كلياً، بينما البيت الأبيض – المشغول بخططه الامبراطورية حول العالم – يتباطأ في اسعاف المدينة – وولاية لويزيانا المنكوبة – تماماً مثلما يحدث في دولة من الدرجة الثالثة في العالم الثالث.
وحين كسر الاعصار، سيطرة النظام، انفلت الوضع الأمني: الجوعى ينهبون، والعصابات تسلب، والمدمنون – وهم بعشرات الآلاف – يحصلون على العقاقير بالقوة، والغضب المكتوم ينفجر في فوضى اجتماعية وأمنية عارمة.
هذا ما يخبئه النظام الامريكي الصارم اللامع في قلبه المتعفن: دولة مشظاة عنصرية تقوم علي انقسامات طبقية وعرقية حادة، تملؤها العصابات، وتنخرها جماعات المدمنين والمهووسين دينياً، من دون أدنى ترابط اجتماعي أو مدني أو انساني. والنتيجة ان النظام الامريكي يفرط، تلقائياً، بمناسبة انقطاع التيار الكهربائي أو – بالطبع – بمناسبة كارثة طبيعية.
والحل، دائماً، هو نفسه: القتل ثم القتل.. ثم القتل!
هذا هو كل مضمون الحضارة الامريكية، ومحورها، وأداتها، ولذلك ليس مستغرباً، بل خلاصة حتمية للسياق الامريكي، ان يبشر قس له مقام رفيع في الولايات المتحدة بقتل رئيس دولة أجنبية، يحاول ان يبني نظاماً عادلاً يحمي الفقراء! أليست هذه «جريمة» شافيز في فنزويلا المتمردة؟؟
حسناً ما الذي سيفعله النظام الامريكي إزاء 13 مليون طفل تحت خط الفقر في عقر دار الامبراطورية!؟ هل هناك غير 13 مليون رصاصة؟!.