(هذا نص يتعلق بظاهرة، وليس له أي صلة بأشخاص طبيعيين أو اعتباريين، وإن وقع اشتباه، فهو مجرد اشتباه لا أساس له مطلقا.)
لا أراكم الله مكروهاً بعزيز؛ فإني يلوّعني ما أصاب كثيرا من أعزائي، الرفاق القدامى، من شتّى مشارب اليسار، من جدري الماء!
تحوّلوا إلى ليبراليين؛ فقلنا الحمد لله أنهم لم يَتَدعْوشوا كالكثيرين من الرفاق القوميين. غير أن بعضهم تدفعه ليبراليته المتطرفة إلى الميل نحوالتنظيمات المعتدلة… كتنظيم القاعدة في بلاد الشام ـ بفرعيه: جبهة النصرة، وحركة أحرار الشام، اللتين تتخذان من جان جاك روسّو، شخصيا، مرجعية لبناء الدولة المدنية، أما بالنسبة للإخونج، فالليبراليون الأفذاذ لا يتصورون الحياة السياسية من دونهم، إلى أن يحسم الأميركيون موقفهم من أولئك الحلفاء التقليديين للاستعمار.
دعونا من المتخصصين بهجاء روسيا الاتحادية وإيران وسوريا والعراق والشيعة؛ فهؤلاء لا يضرون ولا ينفعون في مواجهة حركة التاريخ الهدّارة في شرق أوسط جديد لا أميركي، سوف يهبط ككرة ثلج متجمدة على رؤوسهم!
ودعونا من ‘ الخبراء’ في التنظيمات التكفيرية؛ فهم، بالأحرى، ناطقون سرّيون باسمها؛ وإنها لمشكلة لا تُحَلّ بالنقاش، بل يتكفّل بها التحالف الروسي ـ السوري المتقدّم لاستئصال الظلام من سوريا والمنطقة.
دعونا من أولئك وهؤلاء، ولنبقَ مع الليبراليين الأشاوس من أصل يساري. وقد باتوا يكرهون اليسار القديم لأنه ثقيل الظل، ويقتبسون يسارا هو مجرد ليبرالية على مقاس المشاريع الأميركية.
في المشهد السوريالي، نرى أن الليبراليين من أصل يساري ، في الأغلب، أبناء عشائر .. يكرهونها، ويكرهون محافظاتهم وقراهم المتخلفة، بل تعلّموا الاشمئزاز من ماضيهم كوطنيين أردنيين ومن الأردنيين؛ ما حمله أولئك معهم من يساريّتهم السطحية السابقة المريضة بالإنجذاب نحو سحر البرجوازية الخفي، هو ترداد الكليشيهات الجاهزة؛ أمس: كليشيهات ‘ يسارية’، واليوم : كليشيهات ليبرالية. وكلتاهما منفصلتان عن الواقع والتاريخ.
يدورون في حلقة مفرغة عنوانها الإصلاح السياسي، ولا يسألون الأسئلة الواقعية: هل هناك حامل اجتماعي للتغيير المطلوب أم هي إرادة سفارة العم سام؟ هل هناك إجماع وطني أم أنها إرادة سلطوية؟ وهل هو الوقت المناسب لتفجير الوضع الداخلي في ظل الحروب الإقليمية؟
فجأة، يدخلون زرافاتٍ ووحداناً إلى بيت الطاعة الأميركي، ويصطنعون السيلوفان الليبرالي المناسب للتوطين السياسي في قانون الانتخابات، ولتفكيك البلد في قانون اللامركزية، وللتخلي عن أبسط الوطنية باعتبارها شأنا لا يليق بالمتحضرين!
‘اليساري’ عندما يخون يغرق إلى النهاية، ويوظّف قدراته للسباحة في المستنقعات، لحساب السيد الأبيض، في جمعيات التمويل الامبريالي، كما في المواقع البرلمانية والحكومية والصحافية.
ليس جديدا ذلك أبداً؛ فالمحافظون الجدد في الولايات المتحدة، أولئك الذين خططوا للحرب ـ وقادوها ـ على العراق، أي لقتل العراقيين وتفكيك دولتهم، كانوا، أيضا، في سابق العهد والأوان، يساريين!
يا صديقي (… ) ويا صديقي (…) و يا صديقي (…) و و إن ثيابي لتؤلمني فجيعةً بكم.
بالمناسبة، هل أخبركم أحدٌ أن السيد الأميركي يغادر المنطقة؟