كتبتُ عن الشهيد القائد وصفي التل، ونهجه، وفكره الاستراتيجي والاجتماعي، مئات الصفحات؛ بل أظن أنني كرّستُ لفهمه وإعادة فهمه ونشر فكره واستعادة ممارسة هذا الفكر في عملٍ نضاليٍ، ما لم يتيسّر لسواي؛ ولذلك، فلسوف أوجز هنا حول الأهم: وصفي.. في الحاضر والمستقبل.
يعود الشهيد القائد، منذ سنوات، إلى الذاكرة الجمعية الأردنية، كرد فعل على المعاناة الاجتماعية والضياع الوطني؛ ولكلٍ الحق في تفسيره واستعادته أو حتى تدوير زواياه الخ لكن أفكار وسياسات وممارسات ومبادئ التلّ، ليست سرية وليست عائمة، بل هي محفوظة في كتابات ومواقف لا يستطيع أحدٌ أن ينتسب إلى خط القائد الشهيد مع تجاهلها. وألخّصها تاليا:
أولا، جوهر النظام السياسي الأردني يكمن في الممارسة الدستورية الحرفية للولاية العامة لمجلس الوزراء. ومن دون هذه الولاية، فلا دستور ولا ديموقراطية ولا حكم نيابي ولا سياسة؛ فعماد النظام السياسي الأردني مجلس وزراء ورئيس يحكم فعلا، ويتحمل مسؤولية الحكم في الشؤون الداخلية والخارجية. وبما أن هذا المجلس وهذا الرئيس يخضعان للمساءلة النيابية والشعبية، ولا يحكمان إلا بالثقة النيابية، يكون الحكم ممارسة سياسية لا إدارية؛ فلا يحتمي الرئيس بسواه، وتكون كل المؤسسات، بما فيها الأمنية، تحت ولايته؛
ثانيا، قيمة الحكم الأساسية هي النزاهة، وحرمة المال العام؛
ثالثا، بناء الدولة الوطنية هو بناء المؤسسات الكفوءة الفعالة المعتمدة على القدرات والخبرات والاحتياجات المحلية؛
رابعا، الهدف الجوهري للدولة الوطنية في إدارة السياسات الاقتصادية هو تمكين المجتمع والإنسان، بل بالنص : التقدم الاجتماعي، وليس تمكين الأقلية الرأسمالية والمستثمرين المحليين والأجانب؛
خامسا، هدف التنمية هو توسيع نطاق وقوى الانتاج، بالتوافق مع الخبرات والامكانات والاحتياجات الوطنية، وليس توسيع الاستثمارات بهدف الربح؛
سادسا، هدف السياسة المالية للدولة تمويل الخدمات العامة، لا تقديم التسهيلات للاستثمار وتمويل الفساد الخ
سابعا، تُبنى الدولة الوطنية بتراكم الثروة الوطنية لا بتراكم الثروات الشخصية، وبالحفاظ على الموارد ـ الأرض والمياه والمناجم ـ لا بهدرها؛
ثامنا، إسرائيل هي العدوّ، و’ الحل السلمي’ وهم؛
تاسعا، مدنية الدولة الوطنية العلمانية؛
عاشرا، مصالح الأردن الاستراتيجية هي محور السياسة الخارجية، لا مصالح الفئات والأفراد، ولا الأحقاد الطائفية، ولا البزنس الخ
حادي عشر، الايمان بوحدة الهلال الخصيب، ونبذ كل أشكال المذهبية والطائفية الخ، والإيمان المطلق بالعروبة، وبالوحدة، وبالمواجهة الحتمية مع الصهيونية.
ثاني عشر، المثقفية، أي زهد السياسي والمثقف بالبزنس والمال الخ وطمعه بالقراءة والثقافة وطموحه الى المبادرات الوطنية والاجتماعية؛
ثالث عشر، الاعتزاز الفعلي بالتراث الوطني السياسي والاجتماعي والثقافي، والحرص على احيائه وممارسته؛
رابع عشر، تواصل السياسي مع ممثلي القوى الاجتماعية والناس العاديين والعيش معهم وفيهم ومن أجلهم؛
خامس عشر، الفداء، التضحية بالمال والوقت والجهد والدم، دفاعا عن الوطن والمجتمع والمبادئ.
بهذه المبادئ، وصفي التل حي بيننا، ولهذه المبادئ ينتسب مَن يودّ أن يكون في خط وصفي ودربه.