عمون – أنهى الرئيس فلاديمير بوتين، النقاش المضطرب حول فحوى القمة التاريخية التي عقدها الرئيسان، السوري والروسي، في موسكو؛ أعلن، اليوم 22 تشرين الأول 2015، أن الجديد في مباحثات القمة، هو قبول الرئيس بشار الأسد، بالحوار مع أطراف من المعارضة المسلحة، على أساس قبولها الانضمام إلى جانب الجيش السوري في محاربة التنظيمات الإرهابية، داعش والنصرة والحركات التابعة للقاعدة. بوتين كان واضحا كليا في تأكيده أن الخلاف بين الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية، يكمن في أن الأميركيين يريدون الإطاحة بالأسد، بينما نريد الوقوف إلى جانب ‘ الرئيس الشرعي المنتخَب لسوريا’ في مواجهة الإرهاب.لم يكن من الضروري إعلان الرئيس بوتين عن ‘ أسرار’ القمة؛ فمن له عينان مبصرتان، رأى حفاوة الاستقبال القيصري للأسد؛ فهل يمد طاقم القيادة الروسية كله، السجاد الأحمر للحليف، ويقرع كؤوس النبيذ الأحمر على شرفه، ليقول له: عليك أن مغادرة الحكم أو تخفيض صلاحياتك؟ بل إن بوتين أجاب على سؤال يتعلق بهذه القضية، بالقول ‘ عيب. ليس من المناسب بحث هذا الموضوع الذي يخص السوريين وحدهم.’
انتهينا! كفى تأويلات! هناك حقيقتان ينبغي إدراكهما جيدا، والتعايش معهما؛ الأولى أن الأسد باقٍ رئيسا وزعيما، والثانية أن روسيا أصبحت جارتنا.
وماذا نريد أفضل من ذلك؟ هل يناسبنا تفكك الدولة السورية إلى إمارات إسلامية؟ أم تناسبنا جيرة الحرس الثوري الإيراني أكثر؟
التطورات الروسية ـ السورية تتناسب، كليا، مع مصالح الأردن العليا؛ القيادة الأردنية تعرف ذلك جيدا جدا، وتذهب لملاقاة تلك التطوّرات في منتصف الطريق، بصمت، إنما بالتأكيد؛ فلا أحد يعرف، بالضبط، فحوى التوافق الحاصل بين الملك عبدالله الثاني والرئيس بوتين؛ ولكن المؤشرات واضحة الدلالة: رفض التوقيع على بيان مضاد للدعم العسكري الروسي لدمشق ـ رغم أن الولايات المتحدة والسعودية في طليعة الموقعين عليه ـ وتجميد المساعدات المقدمة للمليشيات في جنوب سوريا، ورسالة الفريق مشعل الزبن لنظيره السوري ، المتضمنة أجمل التمنيات للجيش العربي السوري، بتحقيق أهدافه.
بالمقابل، نلاحظ أن الطائرات الروسية لم تقم بطلعات قتالية في الجنوب السوري، ونستطيع القول إن موسكو ضمنت للأردن مصالحه الأمنية والحيوية، وتحسين علاقاته مع سوريا، وتأكيد دوره في إعادة الإعمار والاستثمارات التي يقترحها بوتين للشرق الأوسط؛ إلا أن الخطوة العملانية الأهم، الآن، هي ما حصلت عليه القيادة الروسية من موافقة الرئيس الأسد، الحوار مع المعارضة المسلحة المستعدة لمحاربة الإرهاب. وفي الحقيقة أن هذا العرض يعني الأردن بالدرجة الأولى؛ فالمليشيات السورية المرتبطة بعمان هي المليشيات الأكبر التي تشكل، بحكم طابعها العشائري، قوة يمكن ضمها إلى جانب الجيش السوري في محاربة داعش والنصرة. وفي الأساس، فإن عمان كانت تبرر دعمها لتلك المليشيات بالقول إنها تفصل الحدود الأردنية عن مناطق سيطرة التنظيمات التكفيرية.
والآن، نحن ننتظر خطوة على الطريق إلى الخروج من المأزق السوري؛ أعني تبادل السفراء بين البلدين. وهنا ينبغي أن نرسل شخصية سياسية مناسبة ( اقترح، تحديدا، الوزير سمير الحباشنة ) إلى دمشق، سفيرا قادرا على بحث الملفات ، الأمن واللاجئين والمياه الخ
لماذا تتأخر هذه الخطوة؟
أولا، الخوف الزائد غير المبررمن الضغوط؛ فواشنطن والرياض وأنقرة، ليست في حالة انسجام، وهي مضطربة السياسات، وتواجه مآزق لا نستطيع ، في الأردن، احتمال نتائجها.
ثانيا، الضغوط المحلية؛ ويمارسها (1) اللوبي الليبرالي المرتبط بالإسلام السياسي والأجندة الأميركية. وهو، في النهاية، فريق واحد، وثيق الصلة بالمطبخ القطري، وينظر إلى الإخوان المسلمين كحليف في ما يسمى ‘ الاصلاح السياسي’، (2) مسؤولو الخارجية الذين يعرقلون عمل رئيس البعثة السورية في عمان، الدبلوماسي الدمث المؤمن بالعلاقات الثنائية والمحب للأردن، الدكتور أيمن علوش، (3) الفاعليات المخترقة والرجعية في الإعلام والأحزاب الخ، (4) الجمهور الذي يغلّب الحس الطائفي على المصالح الوطنية.
مصالح الأردن الحيوية في هذه اللحظة هي : (1) التنسيق الأمني مع سوريا لمنع تمدد الإرهاب إلى حدودنا، (2) ترتيب اجراءات لإعادة اللاجئين السوريين ـ ومنهم أكثر من 100 ألف لاجيء فلسطيني إلى سوريا، (3) إعادة فتح النقاط الجمركية وحركة السفر والترانزيت والتجارة بين البلدين وعبرهما، (4) التوصل إلى حل نهائي لمشكلة المياه، (5) حجز مكان في عملية إعادة الإعمار.
أظن أنه آن الأوان لكل وطني أردني أن يسأل: الاستمرار في الأحقاد الطائفية وتأييد الإرهابيين باسم مظلومية طائفية.. أم مصالح الأردن الوطنية؟
ناهض حتر يكتب :روسيا وسوريا؛ المهم مصالح الأردن
Posted in Uncategorized.