عبدالهادي راجي؛ 6 أسباب للقلق وملاحظة
1 – سُجن عبدالهادي راجي المجالي، بسبب بوست على الفيس بوك؛ هذه، إذاً، قضية نشر، تم ، بسببها، اعتقال كاتب!
التخريجة القانونية أمر ثانوي؛ الجوهري هو أن كاتبا سُجنَ بسبب نص، مهما كان رأينا فيه؛ فهو، في النهاية، نص لا غير! ينسف هذا الحدث كلَّ ادعاء عن وقف اعتقال الصحفيين في قضايا النشر؛ يمكننا الآن أن نتوقع، من حيث المبدأ، العودة إلى اعتقال الصحفيين والكتّاب والمدونين.
2 – الجهات الحكومية المعنية، لم تقم بالادعاء على الكاتب، بل المدعي مجرد مواطن؛ يعني ذلك اضفاء الشرعية على نظام ‘الحِسْبة’، ذلك الذي عانت منه مصر في السنوات الأخيرة من حكم حسني مبارك: مواطنون يأخذون على عاتقهم مقاضاة الكتّاب والمثقفين والفنانين باسم المجتمع والدولة والنظام، بينما الحكومة ‘ بريئة’؛ لكن من المعروف أن قرارات التوقيف، في قضايا النشر والرأي، في العالم العربي، سياسية.
3 – تستطيع السلطات، دائما، أن تجد عشرات الأشخاص المستعدين لأداء الدور المطلوب، وتبرئتها من شبهة القمع؛ هؤلاء مجرد أدوات؛ واستخدامهم يثير الفوضى والتوتر وغياب العقلانية والطمأنينة؛ فحين يُعطى لأيٍ كان ـ ليس متضررا على نحو شخصي ـ الحق في الادعاء باسم الدولة، تضيع، أيضا، هيبة الدولة، ويصطدم الكل بالكل، ويتم إشغال القضاء بخصومات الرأي.
4 – عبدالهادي راجي أحد صحفيي النظام والموالاة؛ الانتقام منه ليس حتى بدافع سياسي، وإنما بدوافع شخصية؛ يعني ذلك أن أي مسؤول يستطيع تصفية حساباته الشخصية مع أي كان، وفقا لنظام ‘ الحسبة’ المنحوس.
5 – الأسوأ أن تكون تصفية الحسابات تلك، مركّبة من صراعات مراكز القوى والصراعات العائلية والشخصية؛ كيف يمكن للصحافي، بعد، أن يحمي رأسه، وسط هذه المفرمة؟ حالة عبدالهادي راجي، بالطبع، معقّدة، وقضيته متشابكة في داخل مطبخ السلطة التي ظنّ الصحافي أنه جزء منها، ولم يعرف حدوده كموظف لديها، ولم تعرف هي حدودها في الانتقام ما يخلخل ثقة كثير من المتعاونين معها؛ لكن أسلوب الانتقام، بحد ذاته، سوف يغدو، إذا ما قوبل بالصمت، وسيلة ناجعة ضد الجميع بغض النظر عن الخلفيات.
6 – بينما تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، البوستات التي تؤيد ‘داعش’، وبينما يتظاهر أنصارها ‘ ديموقراطيا’، وبمرافقة شرطية، كيف تصبح كلمات غاضبة لصحافي موالٍ ومتعاون إلى أقصى حد، قضيّة؟
ملاحظة: لا الرئيس أوباما ولا الرئيس بوتين، يكتبان خطاباتهما، ولا ينحتان مصطلحاتهما، وإنما هناك صحافيون وكتّاب يقومون بذلك؛ الفارق أن البيت الأبيض والكرملين يعتبران الأمر مهنيا صرفا، بينما يعتبر الصحفيون والكتّاب ما يقومون به وظيفة لا نضالا وطنيا؛ فأي ‘أسرار دولة’ تلك التي كشفها عبدالهادي راجي حين أظهر دوره، كصحافي، في كتابة خطابات واقتراح مصطلحات لأحد المسؤولين؟ أين العيب في ذلك؟ من حق المسؤول، الاستعانة بذوي خبرة في أي مجال، لا ينتقص ذلك من قدره، ولا الكشف عنه جريمة تستحق العقاب، بل ربما هي فرصة للانتقال نحو وضع أسس جديدة للعلاقة بين المسؤول والصحفي، واخراجها من الكواليس والغموض إلى إطار شفّاف ونزيه ومهني.