قبل نهاية هذا العام، ستكون الحرب قد وضعت أوزارها في سورية. الهجوم المعاكس الناجح الذي يشنه الجيش العربي السوري على أوكار الإرهابيين، سوف يحقق أهدافه في تموز و آب المقبلين، ثم ستتفرغ الأجهزة السورية لمطاردة واكتشاف وضرب الخلايا الإرهابية النائمة، وستدخل سورية، عام 2014، في أمان يسمح بإجراء الانتخابات الرئاسية بإشراف الأمم المتحدة، وسيحصل المرشح بشار حافظ الأسد، على المنصب بنسبة 65 ـ 70 بالمئة من أصوات السوريين.
هذا المآل لن يتغيّر، جوهريا، ولكن ستتعرّج مساراته، في حال أقدمت إسرائيل على عدوان سوف يُشعل حربا إقليمية تنتهي بهزيمتها، أو جُنّ الغرب وفكّر بفرض منطقة حظر طيران على سورية، سوف تفشل و تتحول إلى منطقة حظر طيران على إسرائيل، بفضل منظومة صواريخ اس 300 القادرة على ضرب الطائرات المعادية في سماء فلسطين المحتلة.
في معلومات لموقع المنار، لسان حال حزب الله في لبنان، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، هزئ من رئيس وزراء العدو، نتنياهو، قائلا ‘ تواضعوا قليلا، وتذكروا أن حزب الله قد هزمكم عام 2006’. ووفقا للموقع قال بوتين: إن موسكو مارست ضغوطا على دمشق لمنعها من الرد الصاروخي على القصف الإسرائيلي لضواحي دمشق، ولكنها تعهدت، مقابل ذلك، بدعم السوريين للقيام برد مناسب على أي عدوان إسرائيلي جديد.
لا يبدو أن الرئيس بشار الأسد يخشى الحرب مع إسرائيل؛ يمكنه القتال على جبهتين معا، بل هو كرر الإعلان، مرة أخرى، عن قرار القيادة السورية بالسماح للسوريين بتشكيل منظمات مقاومة مسلحة في الجولان. والأرجح أن إسرائيل سوف تبتلع تصاعد أعمال مقاومة منخفضة ولكن مستمرة، وفق النموذج اللبناني، من دون أن تلجأ إلى الحرب. نتيجة الحرب الآن ليست محتومة لصالحها. وهي لن تحتمل هزيمة كالتي نالتها عام 2006 مكبّرة.
لدى الرئيس بوتين تقدير بأن مسار الأحداث سوف يحجّم إسرائيل، ويلزها إلى إدراك موازين القوى المستجدة، إقليميا ودوليا. الأمر نفسه ينطبق على المنظومة الخليجية؛ سوف تنكفئ، ويتراجع دورها السياسي الإقليمي، لكن تركيا هي الخاسر الأكبر جراء تدخلها الفظ واللصوصي والإجرامي في سورية؛ سوف تعاني من الانقسامات الطائفية التي سعت إلى تفجيرها في سورية، وبدأت تعاني بالفعل من التغذية الإرهابية الراجعة التي ستشتدّ مع موجات الإرهابيين العائدين يجرون أذيال الهزيمة من سورية.
ما يهمّنا من هذه اللوحة المعقدة، هنا، هو الآتي: إن التطورات القريبة والمتوسطة المدى سوف تضع إسرائيل في إحدى خانتين: التحجيم السياسي أو الحرب الإقليمية. وفي الحالتين، فإن الحكمة تقتضي عدم التفاوض مع الإسرائيليين في هذا الوقت الضائع، وعدم التورط في تقديم تنازلات سوف تكون، في غضون أقل من عام واحد، نافلة. لماذا يفاوض الفلسطينيون والأردنيون، اليوم، إسرائيل الذاهبة نحو التحجيم؟ وهل سيستطيعون الاستمرار في مفاوضتها وهي ذاهبة نحو الحرب؟
من الأفضل لرام الله وعمان أن تتمسكا بالمبادئ: الانسحاب الكامل غير المشروط الى حدود حزيران 1967، والدولة المستقلة، وعودة النازحين اللاجئين؛ فالتسوية الإقليمية الشاملة… أو الحرب الإقليمية الشاملة على الأبواب. وما ترفضه تل أبيب اليوم، ربما ستكون جاهزة لقبوله في غضون عام أو عامين.
العرب اليوم