الجيش .. خط أحمر

مرّرت الانتهازية الحكومية، سابقا، مطالبة أحد النوّاب من تيار التوطين والمحاصصة، بتفجير ‘دائرة المتابعة والتفتيش’، على الرغم من أن هذه الدعوة، جريمة موصوفة قانونيا، وتقع في باب الحض على العنف المسلح والإرهاب.هل ستمرّر الانتهازية الحكومية، اليوم، قيام أحد النواب من التيار نفسه والمتهم بعلاقات عمل وصداقة مع العدو الإسرائيلي، بالإساءة إلى الجيش العربي الأردني، وهيبته، وتضحياته في فلسطين؟ أم أن تلك العلاقات المشبوهة بالذات، سوف تحمي النائب المعني من العقاب؟

على المستوى السياسي الأعمق، كان معروفا، طوال الوقت، أن الأميركيين هم الذين يموّلون جماعات الحقوق المنقوصة؛ والآن أصبح يمكننا القول، بالمعلومات كما بالتحليل، إن الحبل السُّرّي بين حركة التوطين والحقوق المنقوصة وبين العدوّ الإسرائيلي، قد انفضحت على الملأ. وصار مطلوبا من أي نائب أو سياسي أو ناشط أو كاتب، ليس تبرئة نفسه من الصلات الشخصية، فهذا أمر ثانوي، وإنما التبرؤ من دعوات التجنيس وتجنيس أبناء الأردنيات والتوطين السياسي والمحاصصة الخ، باعتبارها حصان طروادة الإسرائيلي في تفسيخ وحدة الشعب الأردني، المبنية على مبدأين ، أولهما المواطنة على المستوى الحقوقي، وثانيهما حق العودة على المستوى السياسي. ومثلما أن المساس بالمبدأ الأول مرفوض قطعا، فإن تجاوز المبدأ الثاني، يُعدّ خيانة للأردن ولفلسطين وللعروبة. ولا يمكن الاختباء في ثوب المعارضة للتجاوز على أي من المبدأين الناظمين لحياة الدولة الأردنية.

يقوم تكتيك جماعة التوطين والمحاصصة ـ والأرجح أنه تم التخطيط له من قبل خبراء إسرائيليين ـ على إعلان الولاء للنظام والتبعية له في المفاصل السياسية الرئيسية، وشنّ حملة من الإساءة للمؤسسات الوطنية الأردنية وللعشائر وأبنائها وبناتها باتباع أسلوب البلطجة والسوقية، وإنكار البلد وهويتها، وخلط الأوراق، وكسر حاجز الأنفة الأردنية، لتحطيم الممانعة الداخلية للوطن البديل.

ولكيلا يحدث التباس، فإن التيار الموصوف أعلاه، يتكون من كل الأصول، بل أن بعض ممثليه من أصول أردنية، أشدّ ضراوة، بسبب ارتباطاتهم الوثيقة مع المحافظين الجدد في الولايات المتحدة، في الهجوم على الكيان الأردني، الشعب والدولة والهوية، من سواهم، معبرين عن مازوشية غالبا ما تكون مدفوعة الأجر.

لا يمكن التسامح ، بعد اليوم، حيال الإساءات، خصوصا إزاء المؤسسة الوحيدة التي تحظى بالإجماع الوطني الأردني، وتمثل أساس قوة الدولة ووحدتها والحفاظ على هويتها، أعني المؤسسة العسكرية الأردنية. وأخشى أن الوطنيين الأردنيين سيكونون مضطرين للردّ المباشر، في حال استمرت الانتهازية الحكومية في الصمت حيال المسيئين.

التردد ـ حتى التردد ـ في تقديم النائب الذي أساء للقوات المسلحة إلى محكمة أمن الدولة، ومحاسبة المنبر الإعلامي الذي سمح له بنشر تلك الإساءة، ستكون له ذلك، نتائج وخيمة، وستكون الانتهازية الحكومية مسؤولة عن التفاعلات الخطيرة الناجمة عن فتح الباب أمام التعدي المعنوي على الجيش العربي.

العرب اليوم

Posted in Uncategorized.