الحل الإيراني ؟ ولمَ لا ؟

نعيد التذكير بالعرض الإيراني الكامل؛ لم يقترح السفير الإيراني في عمان، مصطفى مصلح زاده، علينا، مجرد النفط، ولكن، أيضا ـ وهو الأهم ـ الدعم في مواجهة مشروع الوطن البديل. وإليكم التفاصيل:(1) أبدى زاده استعداد بلاده، لتزويد الأردن، بالنفط ، ولمدة ثلاثين عاما، وفق مبدأ المقايضة الذي كان معمولا به بين العراق والأردن في عهد الرئيس صدام حسين. وأوضح زاده أنه يمكن للأردنيين تسديد ثمن النفط الإيراني بمنتجات محلية، وكذلك من خلال السياحة الدينية لمقامات أهل البيت .
(2) وندد زاده بمشروع الوطن البديل، ووصفه بأنه ‘اكبر مشروع صهيوني’، تسعى الولايات المتحدة، بموجبه، إلى حل أزمة فلسطين من خلال إقامة دولة للفلسطينيين خارج فلسطين التي تأمل إسرائيل بالاستئثار بها بالكامل. وربط السفير بين مشروع الوطن البديل في الأردن وبين الخطط الغربية لإسقاط النظام السوري وإعادة رسم خريطة سورية السياسية كمقدمة لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط كله، وفي الأثناء’ سوف يضطر الفلسطينيون الموجودون في سوريا ولبنان للتوجه نحو الأردن وأيضا الفلسطينيون الموجودون في فلسطين سيضطرون لذلك’.
العرض، إذاً، شامل. وهو يقترح علينا الدعم الاقتصادي والسياسي معا، وفي السياق الذي يخدم مصالحنا الوطنية بالذات، في حين تمن علينا دول الخليج ويشترط بعضها أن نتورّط في حرب سورية ليمنحنا دفعة على الحساب، بينما يشترط بعضها الآخر، تسهيل مهمة الوطن البديل، أما الولايات المتحدة، حليفتنا الرئيسية، فهي، في الوقت نفسه، عدونا الرئيسي فيما يتصل بصراعنا من أجل البقاء.
هناك، بالطبع، هواجس واعتراضات، سأناقشها تاليا:
أولا، هذا العرض جدي وليس للاستهلاك الإعلامي؛ لإيران المحاصرة مصلحة في البحث عن أصدقاء جدد في المنطقة، ولها مصلحة بمقايضة النفط بالمنتجات الخ ، تماما كما كان وضع العراق بين سنتي 1991 و2003، ومصلحتها السياسية معنا تتمثل في رفضنا شن حرب عليها، وأظن أن هذا هو موقفنا بالأساس،
ثانيا، هذا العرض غير مشروط سياسيا فيما يتصل بسورية؛ فموقف الأردن من سورية مقبول جدا من قبل طهران. وفي كل الأحوال، علينا أن ننتبه إلى أن الإيرانيين يدعمون حماس ـ وهي مجرد حركة لا دولة ـ وما زالوا يدعمونها من دون أن يتمكنوا من دفعها نحو تأييد سياساتهم في سورية ، ومن دون أن يمنعوها من توطيد علاقاتها مع قطر والسعودية،
ثالثا، قطر نفسها ـ وهي الحليفة الأولى للإسرائيليين في المنطقة والقاعدة العسكرية الأكبر للأميركيين ـ تحتفظ بعلاقات تجارية واسعة النطاق مع إيران ولكنها لا تصل إلى مستوى العلاقات بين إيران والإمارات العربية،
رابعا، في الشأن المتعلق بالقضية الفلسطينية، تُعرب إيران ـ ولأول مرة ـ عن إدانتها الصريحة لمشروع الوطن البديل.
خامسا، ليست إيران بحاجة إلى إرسال الحجاج إلى مقامات أهل البيت في بلدنا للقيام بخروقات أمنية، فهي تستطيع القيام بذلك ـ إن أرادت ـ بوسائل أخرى أكثر أمانا وفعالية، ثم أنها تقترح حجاجا فوق سن الخمسين. فلماذا نخسر فرصة بث الحيوية الاقتصادية، خصوصا في الجنوب؟
سادسا، الخوف من نشر التشيّع لا مبرر له، فالبشر لا يغيرون أديانهم ومذاهبهم كما يغيرون قمصانهم. وتستطيع السلطات منع نشاطات التبشير كليا، بما في ذلك النشاطات المسموحة حاليا للكنائس الأميركية المتصهينة الناشطة الأردن؟
وأخيرا، لا تريدون نفطا شيعيا ولا دعما سياسيا فارسيا؟ فما بالكم تترجون الدعم من مظانه اليهودية في العالم الغربي ؟

العرب اليوم

Posted in Uncategorized.