آه … يعني أنتم ـ كالإخوان المسلمين ـ تبحثون عن صدام بين الناس ، عن الدماء والاشتباكات الأهلية! لا تريدون إرسال الدرك والشرطة إلى وسط البلد يوم الجمعة، حيث هناك مسيرتان متضادتان، مسيرة ‘الإخوان’ ومسيرة الموالاة، وسط الاحتقان والتوتر والنوايا السيئة ( من الطرفين).أصبح واضحا أن طرفيّ الثنائية القاتلة ( الحكم / ‘الإخوان’) يريدان الخروج من أزمتيهما بأي ثمن، حتى لو كان الثمن هو الفوضى المعممة؛ ففي الفوضى، تُطوى ملفات الفساد والخصخصة والتنمية والمسألة الوطنية، وتعيد النخب الحاكمة انتاج موقعها في قيادة المجتمع ضد ‘ الإخوان’،
والأخيرون يغتنمون الفوضى لإلغاء القوة الثالثة وضرب استقلال الحراك الشعبي، وحرفه عن برنامجه الوطني الاجتماعي، والانفراد بقيادة المعارضة، في سياق تنفيذ الأجندات الإقليمية.
الطرفان يضعان الأردن بين المطرقة والسندان، بجملة من الأفكار والخطط الشيطانية؛
ـ مسيرة إخوانية تستغلّ الغضب الشعبي، ليس لتحقيق مطالب اجتماعية سياسية، ولكن لتحقيق حضور سياسي حزبي يتمفصل على إيقاع إقليمي ودولي، ويتمنى الصدام، لأنه، بالصدام، يتم تظهير الحدث إعلاميا وشعبيا وتحويله إلى لحظة انطلاق للعنف،
ـ مسيرة موالاة تستغلّ الشعور الوطني، ليس لتحقيق الاستقرار والدمقرطة والتنمية، ولكن لتحقيق استمرار سياسات الليبرالية الجديدة وحماية الفساد وكبح جماح الحراك الشعبي الديموقراطي،
ـ تحريض إخواني وتهويل وإعلان حرب،
ـ وتسريبات لقرار رسمي مغامر بالانسحاب الأمني وتهيئة فرص الصدام بين جمهور ‘ الإخوان’ وجمهور الموالاة. وحين يسيل الدم سيراقبه الطرفان وهما يقهقهان!
انسحاب الأمن من الميدان سيكون كارثة، ليس فيما يتصل بما يمكن أن يحدث يوم الجمعة فقط، ولكن كمؤشر على الضوء الأخضر للفوضى والعنف. هذه فكرة شيطانية ينبغي أن تكون ممنوعة حتى كفكرة.
كلا. لا نريد أن ندخل في ماكينة الفوضى والعنف! لا نريد أن تستغرقنا الثنائية القاتلة. والحل بأيدينا؛ الحل في مسيرة ثالثة في مكان بعيد عن ساحة الصدام، مسيرة مدنية وطنية يسارية قومية تتمسك بالدولة وتجديدها وتطرح برنامج الحراك الاجتماعي السياسي، وتعلن وتلتزم الطريق الثالث …
إنها مصيدة أيها الحراكيون .. فمكانكم ليس مع ‘الإخوان’ ولا تحت قيادتهم ولا أنتم أدوات لتنفيذ برامجهم … اذهبوا إلى مكان ثالث .. قرّروه الآن
إنها مكيدة أيها الوطنيون… فمكانكم ليس في السحجة ولكن مكانكم في خندق الوطن، ولستم قطيعا ولا بلطجية، بل أصحاب رأي.. هيا .. انضموا إلى الحراكيين في مسيرة ثالثة…
دعوا ‘الإخوان’ ولا تسحجوا لأحد، فأنتم الأغلبية الشعبية التي ترسم المخرج من أزمة البلد …
لا توجد خلافات عميقة بين جمهور الحراك والجمهور المحفَّز وطنيا؛ كلاهما مع الدولة الوطنية، ومع الاستقرار، ومع التغيير الديمقراطي الاجتماعي السلمي، وكلاهما ضد الفساد والخصخصة والسياسات الاقتصادية المدمرة؛ كلاهما في خندق واحد، خندق الأردن المدني المتشوّق إلى الحرية والنزاهة والبناء والتنمية؛ وكلاهما لا مكان له ولا مصلحة في الاستقطاب الثنائي، بل في تشكيل القوة الثالثة، قوة الأغلبية، قوة السلم الأهلي والتغيير الديمقراطي.
العرب اليوم