يتوعّد الإخوان المسلمون بتنظيم مسيرة في عمان في 28 أيلول الحالي، بخمسين ألفا. فهل يستطيعون؟ وإلام يرمون؟ بالتحليل، يمكننا القول إن الستاتيكو الحاصل في سورية، أصبح يطرح على قوى الفوضى والتخريب في البلد الجار، ضرورة توسيع نطاق المشروع ليشمل الضفة الغربية والأردن، قبل أن تنتهي الموجة، وتتوصل واشنطن وموسكو إلى تسوية بشأن مناطق النفوذ في الشرق الأوسط. وهكذا، فإن الفترة المتبقية أمام قوى ما يسمى الربيع العربي، بدأت تتضاءل، وينبغي، بالتالي، التسريع باستغلالها. وعلى هذا يبدو لي أن القرار بافتعال الفوضى في بلدنا قد تم اتخاذه.
ـ فضائية ‘ الجزيرة’ القَطرية بدأت، منذ الآن، بالتغطيات الشاملة والمواظبة للفعاليات المعارضة، حتى الصغيرة والهامشية. وتذكّر تلك التغطيات بتلك التي كانت ‘الجزيرة ‘تنسقها لما يسمى ‘ الثورة السورية’. ويمكننا القول إن التعليمات قد صدرت للجزيرة ببدء الهجوم الشامل على الأردن.
ـ ولهجة القيادات الإخوانية تتجه أكثر فأكثر نحو التصعيد غير المسبوق، مما يلتقي مع لهجة ومزاج أوساط معينة من الناشطين في الحراك الشعبي.
ـ وخلايا التأزيم الصغيرة، وغير معروفة الارتباطات، بدأت بالعمل.
ـ ووتيرة النشاط الاستخباري والدبلوماسي الخليجي والغربي، بدأت تحمأ ،
ـ ولا ننسى، بطبيعة الحال، نشاط الخلايا الإعلامية المرتبطة بالدوائر الأميركية والقَطرية.
لكن العامل الأسوأ من كل تلك العوامل، يتمثل في رئيس الوزراء فايز الطراونة الذي يفتقر إلى الحس السياسي، ويظن أن الحكم هو مزيج من العناد وتحقيق المصالح الشخصية. وإذا لم يتم التخلّص منه فورا ، فإن فرصة تجميع الآلاف في مسيرة غاضبة، تغدو أكثر واقعية.
في اللحظة التي أصدر فيها الطراونة قراره بالتعيينات القائمة على أسس المصلحة الشخصية والقربى والنسب، سقطت حكومته سياسيا ومعنوياً، وتحولت عبئا لا يطاق على البلد والدولة والنظام. وكل يوم إضافي في عمر هذه الحكومة سينشر السموم في أجواء الوطن، بحيث يصعب العلاج.
إضافة إلى إقالة الطراونة، هناك جملة من القرارات الجريئة التي لا بد من اتخاذها حالا، لتلافي مخاطر التصعيد من قبل القوى المعادية للبلد، ومنها:
(1) وقف التعيينات الأخيرة وخصوصا تعيين هنري عزام المثير للمخاوف على رأس إدارة الاستثمار في الضمان الاجتماعي.
(2) تجميد قانون المطبوعات.
(3) الإفراج عن المعتقلين من شباب الحراك.
(4) إطلاق مبادرة حسن نوايا إزاء المطالب الشعبية بتنظيف ملف ‘ الفوسفات’ مثلا، واستعادة القطاع إلى سيطرة الدولة.
لكن القرار الحاسم في خلق بيئة سياسية جديدة، يتمثل بحل البرلمان وتشكيل حكومة محترمة والإعلان عن موعد الانتخابات العامة.
إذا حدث ذلك قبل 28 أيلول، فإن فرصة الإخوان بتجميع خمسين ألفا في مسيرة، سوف تنعدم، ولا يعود أمامهم سوى التحالف مع السلفيين والوهابيين ومحاولة تجييش جمهور من المخيمات. وفي هذه الحالة، سنكون أمام معطيات سياسية جديدة، خطيرة فعلا، ولكنها تقع خارج فضاء التأثير على عمود الدولة.
العرب اليوم