طفح الكيل واستًنفر القلب وصدح الوجدان: هيهات منّا الذلّة ! .ولا أتحدّث عن بلطجي اعتدى بالشتائم والضرب على النائب الزميل جميل النمري تحت القبّة، وإنما عمّن هم وراء البلطجي، وعن المناخ الذي سمح ويسمح للانحطاط اللامعقول الذي ختم على آخر ما بقي من صدقية المجلس النيابي أمس.
لا أستطيع ألاّ أربط، هنا، بين ما فضحته ‘ العرب اليوم’، في 23 أيار 2012 ، من تبادل الرسائل التي تتعرض بالإهانة للنائب النمري والسخرية من شخصيات يسارية أخرى، بين رئيس مجلس النواب عبد الكريم الدغمي ورئيس الوزراء فايز الطراونة. إن ما تضمنته تلك المراسلة المعيبة هي الرخصة التي التقطها البلطجي ليدرك أن النمري وسواه من النواب والسياسيين الديموقراطيين الجادين المخلصين للوطن والشعب والمبادئ وشرف التمثيل البرلماني النزيه، مهدورة كراماتهم ودماؤهم لدى أرباب السلطة.
الدغمي والطراونة ، في تهجماتهما المكتوبة على النمري، سوّغا للبلطجي تهجماته المنطوقة على النائب الديموقراطي الشديد التهذيب والتسامح، حتى أنه أدهشني بقبول اعتذار الطراونة وإغلاق ملف المراسلة المهينة؛ فلو كنتُ المعني لما قبلتُ بأقل من إسقاط المتراسلَين سياسيا، ومطالبتهما بالحق عشائريا. وآمل، حفاظا على كرامة النيابة والسياسة الأردنية واليسار والمشروع الديموقراطي، الا يتسامح النمري هذه المرة، فإنْ شاء، سنخوضها معه، فإما حياة تسرّ الصديق وإما ممات يكيد العدا.
ثم إنني لا أستطيع أن أغفل الربط المحكم بين خطاب النمري ( يوم الجمعة الماضي في حراك إربد) الرافض لصيغة مشروع قانون الانتخابات المقر لدى اللجنة القانونية في مجلس النواب، وبين الاعتداء على النائب التقدمي أمس الأحد. الاعتداء مبيت حتما. ولا شيء يقنعني بأنه لم يصدر أمر عمليات بتنفيذه، لئلا تكبر كرة الثلج ويتكون لدى النواب والرأي العام، موقف من مشروع قانون الصوت الواحد الذي يُراد فرضه بالقوة.
لا أعرف ما هي حاجة المعنيين للبلطجة من أجل تمرير مشروع قانون انتخابات يمكن التوافق عليه سياسيا. أوضّح ،مثلا، أنني متفق مع الإطار العام للمشروع ، وأطالب بتعديله لجهة منح الناخب في الدوائر الفرعية صوتين وزيادة عدد مقاعد الدائرة الوطنية إلى ثلاثين. وقد كتبتُ أمس بهذه الروحية الإيجابية، لكنني اليوم أشعر بانسداد طريق الحوار.
أقترح على النواب والسياسيين والكتّاب والإعلاميين الذين يحترمون أنفسهم، تكوين جبهة لمقاطعة البرلمان والحكومة ونشاطاتها وأي شكل من أشكال ‘الحوار’ معها، وتعليق كل الأنشطة السياسية والإعلامية إلى حين فصل البلطجي من المجلس النواب وتقديمه للمحكمة وفتح تحقيق شفاف لمعرفة الجهات التي تقف وراءه .
العرب اليوم