منذ الانقلاب النيوليبرالي على الولاية العامة لمجلس الوزراء, العام ,2004 ونحن نقاتل في سبيل استعادتها من أيدي الديجيتال. لكن المفارقة هي أن أول مَن استعاد جزءا غير قليل من صلاحيات الحكومة كان سمير الرفاعي. وقد شعرنا بالإختناق بسبب قوّة حكومة تسير بالاتجاه المعاكس لإرادة الشعب ومزاجه. بعده, جاء معروف البخيت, وكانت أكبر مشاكلنا معه أنه جندي أكثر من كونه سياسيا, يتحمّل أخطاء الآخرين ويدافع عنها. وبما أنه ضيّع فرصة ثمينة كانت بين يديه لتصحيح المسار الوطني والاجتماعي, بسبب تخلّيه الطوعي عن حقه الدستوري في الولاية العامة, نشأ, لدى الرأي العام, هوسٌ بها, مما ساعد عون الخصاونة على ترويج تمسّكه بذلك الحق كبضاعة نادرة ومرغوبة.
بالنسبة لي, أنا الذي تصدّيتُ للخصاونة بلا كلل طوال عهده, بدأتُ أسأل: الولاية العامة لمين? أيحقّ لسياسي غائب عن البلد وشجونه مدة 12 عاما أن يحكمها بصلاحيات أو بدون صلاحيات?
كانت رئاسة عون الخصاونة, أشبه بانقلاب أو للدقة بتسلل لتنفيذ انقلاب سياسي على الأمن الوطني الأردني. وهنا, لا يمكننا أن نغض النظر, ونقول: آه .. هذا حقه الدستوري! فليفعل ما يشاء!
ليس بيني وبين الخصاونة أي خلاف شخصي, لكن يدي ظلت, ستة أشهر, على قلبي .. متوجسا من ولاية عامة تسير باتجاه تسليم البلد كله لمعادلات محلية وإقليمية ودولية بالغة الخطورة على كيان بلدنا و مستقبل شعبنا.
الولاية العامة? نعم, بالتأكيد. ولكن لمين?
أتكون لمتسلّل بين مرحلتين, جاء, واعيا أو غير واع, بأجندة مطبوخة لدى المستشرقين, أم لحكومة برلمانية لها مرجعيات سياسية معروفة وبرنامج واضح معلن?
الولاية العامة? نعم. حتما. ولكن على مين?
¯ على التدخلات النيوليبرالية في القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والمالي الخ, أم على كادحي المحافظات والحراك الشعبي المطالب بتصفية الفساد والتنمية والعدالة?
¯ على تمرير قانون انتخابات يقع في سياق ترتيبات إقليمية ودولية, أم على استعادة شركة الفوسفات وإلغاء عقد الخصخصة والاحتكار والتغوّل على الإدارة واستخدامها في عمليات فساد كبرى تصل إلى مليار دولار سنويا?
¯ على التعبير عن إرادة الإجماع الوطني أم على التواطؤ مع تيار واحد ‘ له عنوان دولي ‘ ضد كل التيارات الأخرى التي يعيب عليها الخصاونة أنها ‘محلية’, أي وطنية بدايةً ونهاية, وليس لها سند من خارج الحدود?
¯ على حقوق الخزينة المالية والعقارية أم على بيع البلد سياسيا بعدما تم بيع مقدراتها الاقتصادية?
على الأردن, الكيان والدولة … لا ولاية لأحد, وليس من حق أي كان أن يقرر مصيره الوطني, سوى شعبه.
العرب اليوم