خطب الشيخ همام سعيد في مهرجان إخواني في مسجد الجامعة الأردنية. وفي ما بدا أنها محاولة للهرب من استحقاق اتخاذ موقف سياسي من مؤامرة الوطن البديل, قال سعيد ‘ إنها فزّاعة’. ليتها كذلك يا شيخ! فلقد تبيّن, من خلال مطالب أمريكية صريحة قُدّمتْ في عمان, مؤخرا, أن مؤامرة الوطن البديل تحولت إلى برنامج سياسي من نقطتين: تجنيس أصحاب البطاقات الخضراء ونظام انتخابي على أساس الكثافة السكانية. بعبارة أخرى يريد الأمريكيون اصطناع الكثافة السكانية ومن ثم تمثيلها في برلمان تنبثق عنه حكومة نيابية! .
خَلَص ..
هذا هو الوطن البديل بالضبط. لن يغيّر أحد اسم الدولة ولا علمها … بل ما هو إلا التوطين السياسي الكامل وخلق آليات سياسية أردنية للتمثيل الفلسطيني. وهو ما سيخلق بيئة جديدة للحل الإسرائيلي للقضية الفلسطينية.
ويقول الشيخ ‘إن الحركة الإسلامية ( يقصد الإخوان المسلمين) ستقف سدا في وجه الوطن البديل’ …
يا ليت! فما نراه من ‘الإخوان’ أنهم, في سياساتهم الملموسة, يذهبون المذهبَ الأمريكي نفسه, فهم يتعوذون بالله من فك الارتباط ويرفضون إخضاع التجنيس للقانون, ويطالبون, كالأمريكيين, بنظام انتخابي على أساس الكثافة السكانية, ومن ثم نقل كامل السلطات إلى البرلمان الناتج عنه. فما هو الوطن البديل غير ذلك?
لمَ يا شيخ صمتك عن التدخل الأمريكي في شؤوننا الداخلية? ولمَ يا شيخ صمتك عن اتفاق فتح وحماس على استثناء فلسطينيي الأردن من انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني?
تفخر يا شيخ بإخوانك المصريين, وتقول إنه ‘ مضى زمن التحالف مع اليهود وحراسة حدود اليهود .. في مصر’ ! ألم يبلغوك يا شيخ أن الإخوان المسلمين المصريين قد تعهدوا بعدم المساس بمعاهدة كامب ديفيد? لكنهم, والحق يُقال, لم يعلنوا بعد, كرفاقهم السلفيين, شرعية التطبيع مع الكيان الصهيوني, والأمان للسياح الإسرائيليين في مصر!
يا شيخ .. لعل حديث راشد الغنوشي القائل بانسحاب تونس مما اعتبره صراعا فلسطينيا – اسرائيليا, لم يصلك بعد! ولا نوايا مصطفى عبد الجليل لإقامة علاقات مع تل أبيب. نوايا? كلا أظنّه كان على الخط مع الإسرائيليين أثناء الثورة ضد العقيد, ربما قبلها!
يا شيخ! يا إخواننا الشيوخ! نحن لسنا في مصر ولا تونس ولا ليبيا … ولا نستطيع الإندراج في التفاهم الشرق أوسطي مع واشنطن, ولا غض النظر عن الصراع مع إسرائيل. فبلدنا مهدد مباشرة بعد فلسطين بالتصفية السياسية. والجهة التي تهددنا هي التحالف الأمريكي – الإسرائيلي, وليس إيران ولا سورية ولا حزب الله ولا إخوتنا الشيعة ! ليس هؤلاء مَن يطالبوننا بالتجنيس واصطناع أغلبية سكانية جديدة والإلحاح على تمثيلها سياسيا.
ولا تنفع, في مواجهة هذا التهديد الوجودي, الشعارات العامة. الشعارات لا تشكل سدا ولا الكلام الغامض يحمي بلدا. الوطن البديل ليس, كما تقولون, ‘ فزّاعة’ ضد ‘ الإصلاح’, بل ‘ الإصلاح’ – وفق تصوّركم المدعوم أمريكيا – هو نفسه الوطن البديل.
يا شيخ ! يا إخواننا الشيوخ! نستحلفكم بالله العلي العظيم وبالرسول العربي الأمين وبالقرآن الكريم, ألا تمعنوا في اللعب على الكلمات , ألاّ تعينوا عدوّنا علينا, وألا تأخذكم شهوة السلطة إلى التفريط بالوطن. أعرف أنكم لا تؤمنون بفكرة الوطن, فلا تشقّوا الأمة! .
(العرب اليوم)