بعد غد الجمعة, ستشهد محافظات المملكة, نشاطات مختلفة للحراك الشعبي تحت شعار ‘ لم تفهمونا’. الشعار صدر عن الكرك حيث من المتوقع أن يكون يوم الردّ على تشكيلة حكومة عون الخصاونة وتوجهاتها, الأكثر علوّا.
في عمان لن تكون هنالك مظاهرة تنطلق, كالعادة, من المسجد الحسيني. ففي اجتماع لجنة 24 آذار الشبابية, أعلن مندوب الإخوان المسلمين أن الجماعة في حالة ‘ مراجعة ‘ للموقف, وأبدى رفضه القاطع للبحث في تنظيم مظاهرة الحسيني يوم الجمعة, ثم انسحب من الإجتماع. ونستطيع أن نتوقع المشهد نفسه في الهيئات الحراكية الأخرى التي يشارك فيها الإخوان.
القيادات الشبابية اليسارية والقومية والوطنية التي بقيت, بعد 24 آذار, تتعاون مع الإخوان, تشعر اليوم بخيبة أمل مزدوجة منهم ومن الحكومة الجديدة والتسريبات حول سياساتها. وهي تستعد للتنسيق السياسي مع المحافظات, وتنظيم نشاط شبابي تحت الشعار نفسه..’ لم تفهمونا’.
من الصعب على المرء ألا يوافق على هذا الشعار. فتشكيلة حكومة الخصاونة, التي تجاهلت التطورات السياسية في البلاد, واستبعدت ممثلي المعارضة التقليدية والجديدة معا, وضربت عرض الحائط مطالب الحراك الشعبي والشبابي, أشاعت شعورا عميقا بالتشاؤم إزاء توفر الإرادة السياسية للقيام بتغييرات ديموقراطية واجتماعية ذات صدقية.
تصريحات رئيس الوزراء, وما تم تداوله من أفكار سياسية أعلن عنها في لقاءاته, تجسدت في تشكيلة مطواعة تنسجم معها, وتؤكد المخاوف من أن حكومة الخصاونة في طريقها للقيام بردّة حتى عن الإنجازات البسيطة التي تحققت .
هنالك مؤشرات ردّة عن التعديلات الدستورية تجافي الديموقراطية وروح الدستور, ومؤشرات ردة عن مشروع دمج المؤسسات المستقلة وهيكلة القطاع العام, و مؤشرات ردّة عن توصيات لجنة الحوار الوطني, وخصوصا توصيتها بقانون انتخابات مختلط بين دوائر المحافظات والدائرة الوطنية ويقوم على القوائم والنسبية.
وإذا كانت الأقوال تتناقض مع الأفعال وشخوص الرجال فيما يتصل بالتحول الديموقراطي, فإن الأقوال والأفعال وشخوص الرجال, تتطابق في المجال الإقتصادي – الاجتماعي. ويدلنا المشهد على أن النهج النيوليبرالي لم يتزحزح عن موقعه المسيطر. وهذه هي أمّ المآسي.
وفي مجال مكافحة الفساد, سيكون من الصعب أن نتوقع شيئا من حكومة بمثل هذا الضعف البنيوي. هل يمكنها التصدي لمراكز النفوذ, فتراجع عمليات الخصخصة وترسل بأساطين الفساد إلى القضاء?
لا أعرف حكومة في العقد الأخير فشلت خلال 48 ساعة في الحصول على ثقة المجتمع كحكومة الخصاونة, اللهمّ حكومة عدنان بدران في الـ 2005 لكن بدران جاء في مرحلة ‘ انتعاش’ وخمول شعبي, بينما الخصاونة جاء على فوهة بركان. وأحسب أنه, إذا ما أراد تلافي الفشل السريع, فلا بد له من المبادرة لمخاطبة الرأي العام, ليبدد المخاوف تجاه الإنجازات السابقة, ويوضّح خطته في مهمات محددة ومفصلة ومجدولة زمنيا.
ملاحظة:
وردتني رواية أخرى – فيها تعديل طفيف عن تلك التي أوردتها في مقالي أمس – عن كلام الرئيس بشار الأسد حول العلاقة مع رئيس المكتب السياسي لحماس, خالد مشعل. الرئيس الأسد, وفقا للرواية الجديدة, أبدى عتبه الشديد على مشعل الذي لم يتصدّ لحملة شيخه يوسف القرضاوي على القيادة السورية. وأضاف أنه لم يستقبل مشعل مذذاك, لكن الأخير على علم باستياء السوريين منه. ومن الواضح أن هذا الإختلاف الطفيف لا يغيّر شيئا في مضمون الموقف السوري من حماس.
(العرب اليوم)