رئيس الوزراء الاردني الأسبق أحمد عبيدات ل »السفير«:للملك عبد الله »أجندة« قد تفاجئ الجميع.. والأولوية للداخل»العلاقات مع إسرائيل باردة.. ونأمل من العرب التفهم والإقتراب«*****كتب ناهض حتر:نطرح أسئلة الأردن على أحمد عبيدات، وهو، نفسه، يشكل سؤالا اردنيا رئيسا، فمدير المخابرات الاسبق، ورئيس الوزراء الاسبق ورئيس لجنة الميثاق الوطني »الذي لم يغير قناعاته« ادت به هذه القناعات نفسها، كما قال مرارا، لكي يتحول، بعد المعاهدة الاردنية الاسرائيلية العام 1994، الى المعارضة.هذا التحول »الموضوعي« ربما كانت تنعقد فيه جملة التناقضات الاردنية التي فجرها في عقد التسعينات، التجاوز على التفاهم الداخلي بوساطة مؤثرين خارجيين عنوانهما الولايات المتحدة وهما: صندوق النقد الدولي وبرنامج الخصخصة الشامل واسرائيل وبرنامج التطبيع والاسرلة؛ ما حدا بحراس ذلك التفاهم وأبرزهم عبيدات الى الخروج الى ساحة الاعتراض.اليوم، يعود عبيدات، الشخصية الوطنية المحترمة في الاردن، الى دائرة الحوار المباشر مع رأس النظام، الملك عبد الله، وهو يرسم تاليا، الملامح الاولى لصورة الملك وصورة العهد الجديد، في حوار اجرته »السفير« معه في بيروت التي يزورها مشاركا في ندوة »العرب ومواجهة اسرائيل: احتمالات المستقبل«.{ كيف واجه الاردن فترة الانتقال الحرجة بين عهدين؟ انتقال العرش تم طبقا للدستور، وبصرف النظر عن الاطار السياسي الذي تم فيه هذا الانتقال، فالمهم انه لم يشكل خرقا للدستور، واعتبره الاردنيون، عموما، شأنا يتعلق بالعائلة المالكة. ولكن رحيل الملك حسين، وغياب الرجل الثاني (ولي العهد السابق الامير حسن) خلفا اهتماما وقلقا مشروعين لدى الشعب الاردني، فالأمر يمس مباشرة مصالحه ومستقبله. وفي هذه الفترة الحرجة، تدخلت الصحافة الاجنبية، وخصوصا وسائل الاعلام الاسرائيلية للاصطياد في الماء العكر. وقد ارادت تل أبيب، بوقاحة سياسية غير مسبوقة دوليا، ان تؤكد وجودها في الشأن الاردني، ومضمون الرسالة الاسرائيلية، بغض النظر عن التفاصيل، هو القول بأن لاسرائيل اليد العليا في المنطقة.ولكن فترة القلق لم تطل، وبدأت تنحسر وتتلاشى عندما شرع الملك عبد الله بأداء سياسي، على المستوى الداخلي والعربي والدولي، يبعث على الراحة، ثم انتقلنا من مرحلة القلق الى مرحلة التوقعات، وهي تعكس، بالاضافة الى الفضول والمصالح، تطلعات الشعب المشروعة نحو المستقبل في ما يتصل بقضايا البلاد الرئيسية: الشأن الاقتصادي والديموقراطية وادارة الدولة والعلاقات العربية، وقد كان قرار الملك عبد الله بتعيين عبد الرؤوف الروابدة رئيسا للوزراء مفاجئا ودالا على ان للملك عبد الله اجندته (جدول اعماله) الخاصة وقدرته السياسية، مما قد يفاجئ الجميع.دلالات تعيين الروابدة{ ما هي دلالة تعيين الروابدة في رئاسة الوزراء، خصوصا وان هذا التعيين وازاه تعيين عبد الكريم الكباريتي رئيسا للديوان الملكي؟ هل هو حل وسط؟ تعيين الروابدة يعكس، بالدرجة الاولى، اهتمام الملك عبد الله بالشأن الداخلي، فالذي يميز الروابدة خبرته الداخلية في الادارة، ويعكس بالدرجة الثانية التأكيد على عدم احداث تغيير في سياسات الاردن الخارجية، اي ان اختيار الروابدة هو اختيار داخلي، ونحو أولوية الشأن الداخلي.{ ولكن الروابدة ليست له خبرة دولية وخصوصا على المستوى العربي؟ ومن هو السياسي الاردني الذي له مثل هذه الخبرة؟ بمعنى من هو السياسي الاردني الذي له رصيد يمكن توظيفه في العلاقات العربية. بعض السياسيين الاردنيين له التزامات سياسية سلبية على المستوى العربي. وقد قادتنا هذه الالتزامات الى مرحلة اضرت بالاردن سياسيا واقتصاديا، حين خرجنا عن التوازن في علاقاتنا العربية وعلى القاعدة الذهبية للتضامن العربي، وهي ان نكون فاعلين في تحقيق هذا التضامن وملتزمين في الآن نفسه، بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الشقيقة، وكانت هذه القاعدة دائما طوق نجاة للاردن، خسرناه، للأسف، حين سجلنا على انفسنا اننا كنا جزءا من مخطط للتدخل في شؤون بلد عربي آخر (العراق) فعندما تتدخل في شؤون الآخرين، فإنك تدعوهم للتدخل في شؤونك، بالاضافة الى ان هذه السياسة الخاطئة بالذات اضرت بالاقتصاد الاردني ضررا بالغا…والكباريتي{ ولكن »عنوان« هذه السياسة موجود الآن في رئاسة الديوان الملكي؟ الكباريتي ليس القضية. من حق الناس ان يعتبروا وجوده مؤشراً غير مريح لهم. ولكن القضية هي الصورة الاجمالية. واعتقد أن المؤشرات العامة لهذه الصورة إيجابية. فالملك عبد الله يميل الى التشاور والى إشراك كل الفعاليات في القرار. لقد دُعيت، الأربعاء الماضي، الى اجتماع يعقده الملك عبد الله دورياً. وقبل تشكيل الحكومة الجديدة كان يحضره رئيس الحكومة ورئيس هيئة الأركان ومدير المخابرات ورئيسا مجلس الأعيان والنواب. ومنذ الأسبوع الماضي تم توسيع اللقاء بدعوة رؤساء الوزارات السابقين اليه. وفي هذا اللقاء، الذي سينعقد بصورة دورية ربما مرة كل أسبوعين وعند الحاجة، قال الملك عبد الله: انتم مسؤولون وشركاء، ولا نريد هنا ان نستفيد من خبراتكم فقط، ولكننا نريد الاتفاق على قضايا وقرارات نتحمل المسؤولية المشتركة إزاءها، ومسؤولية الدفاع عنها.وقد استبشرت عندما تحول اللقاء فوراً الى البحث العملي في القضايا. وقد اتفقنا على منح إصلاح القضاء أولوية توازي أولوية الشأن الاقتصادي. رغم البحث في هذا الشأن واقتراح آليات. وهذا أمر هام جداً لأن القضاء المستقل والنزيه والعادل هو ضمانة للديموقراطية وإطار ضروري للاستثمار.على كل حال، فإن هذا النهج من التشاور شبه المؤسسي، إذا ما كتب له الاستمرار فسيمثل خطوة إيجابية نحو الإصلاح، وسيؤدي الى إضعاف التأثيرات السلبية. ونحن ندعم هذا النهج ونتعامل معه بإيجابية.{ ولكنه نهج غير مؤسسي؟ قلت إنه شبه مؤسسي، وهو خطوة أولى إيجابية.{ إذن، فأنت متفائل إزاء المرحلة الجديدة؟ من السابق لأوانه إصدار الاحكام »بكير« وغير عادل التعجل بالحكم على الملك عبد الله. حتى الآن المؤشرات إيجابية. فعنده، أولاً، استعداد قوي للاصغاء، ولياقة سياسية محمودة، وصفات محببة. كما انه أظهر ذكاء سياسياً خصوصاً باختياره رئيساً للوزراء لم يكن مطروحاً. وأعتقد انه سيكون لديه أجندة مفاجئة. ولكن، في النهاية، علينا ان ننتظر وقتاً كافياً قبل إصدار الاحكام، خصوصاً وأن جوهر السياسات لا يظهر في الأوقات العادية، ولكن في مناسبات محددة.»سلام بارد«{ هل هنالك جديد في العلاقات الأردنية الإسرائيلية؟ لا يوجد الآن شيء مهم. العلاقات مستمرة استمراراً بارداً، إذا شئت. ولكن المشهد كله مرتبط بمعطيات منها الانتخابات الإسرائيلية ونتائجها وآفاق استمرار العملية السلمية على المسار الفلسطيني، وكذلك على مستوى العملية السلمية ككل. وأي جديد في العلاقات الأردنية الإسرائيلية مرتبط بكل هذا. وأنا شخصياً، متشائم من أي تطوّر إيجابي في العملية السلمية ما يجب ان يطرح المسألة برمتها من جديد، سواء على مستوى الموقف العربي الجماعي من هذه العملية او من الولايات المتحدة.{ وعلاقات الأردن العربية؟ أنا من الذين يدعون العرب الى استيعاب أهمية الاقتراب من الأردن اقتراباً يوازن التأثير الخارجي الذي لا يستطيع الأردن وحده مجابهته. على كل حال، نحن بحاجة ماسة الى أن لا نبقى أسرى الأزمات المفتعلة وكل الأزمات الأردنية العربية مفتعلة انني أتمنى على الاشقاء العرب ان يتفهموا وضع الأردن، وان يواصلوا الاقتراب منه. أعني انه ربما كانت هذه مهمة العرب.»الكونفدرالية«{ طرح رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات، مؤخراً، استعداده للشروع في اقامة كونفدرالية مع الأردن، حتى قبل إنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة. وهناك مخاوف من أن يكون هذا المشروع مطروحاً الآن؟ من ناحية المبدأ، فإن أي طرح لعلاقة كونفدرالية بين الأردن والسلطة الفلسطينية، في هذا الوقت بالذات، ليس فعلاً عربياً، وليس فعلاً أردنياً فلسطينيا. فهذه العلاقة لن تنشأ الآن جراء عوامل ذاتية، بل سيكون لإسرائيل فيها اليد الطولى. وهي تعبير عن تصميم إسرائيلي بدعم أميركي للتخلص من العبء السكاني الفلسطيني.ومشروع الكونفدرالية هي، أولاً، خطر على مستقبل الشعب الفلسطيني وقضيته. وهو، ثانياً، خطر على الأردن، ويحرمه من فرصة التمتع بعلاقات عربية متوازنة، وهو ثالثاً، يزرع بذرة نزاع أردني فلسطيني مستقبلي.المشروع الكونفدرالي، باختصار، ينقل ازمة التسوية الى شرق النهر. بمعنى انه يحول الصراع من صراع فلسطيني اسرائيلي الى صراع اردني فلسطيني، اسرائيل هي المستفيد الأول منه طبعاً.هذا لا يعني بالطبع إنكار وجود حالة أردنية فلسطينية خاصة أملتها عوامل جغرافية وتاريخية وسكانية. وهذه الحالة بحاجة إلى وعي كبير، وادخار الفرصة الوحدوية بين الشعبين الى حين يحقق الشعب الفلسطيني الحد الأدنى من حقوقه المشروعة على ترابه الوطني، وإلى ان يكون قادرا على اتخاذ قراره بحرية. وكذلك عندما يكون الشعب الاردني قادرا، بصورة ديموقراطية، على اتخاذ قراره الحر. عندها يمكن التفكير بشكل جاد، ومن منطلق قومي، بعلاقة وحدوية بين الشعبين.{ تحدث الجانب الفلسطيني عن التزام أردني بالكونفدرالية؟ الموقف المكتوب رسميا كان يشير الى التأكيد على العلاقة المبدئية، وقد كنت شاهدا على ذلك من موقعي كرئيس للوزراء، عندما وقعنا مع الجانب الفلسطيني، في شباط العام 1985، اطارا لتنسيق المواقف على الساحة الدولية وبدعم عربي. وورد في هذا الاطار حديث عن علاقة مستقبلية بين دولتين، الدولة الاردنية ودولة فلسطينية ذات سيادة تقوم على أرض محررة من الاحتلال، وبالاختيار الحر للشعبين. كان هذا هو الموقف الاردني وما يزال.{ عودة الى الشأن الداخلي، هل هنالك آفاق جدية لتعزيز الديموقراطية، خصوصا باتجاه تغيير قانوني الانتخابات والمطبوعات اللذين تعرضا لنقد متواصل من المعارضة؟ هناك مؤشرات اولية ايجابية. ربما كان المجال مفتوحا نحو تغيير ايجابي في هذين القانونين.{ هل هناك تصور لانتخابات مبكرة؟ سمعت بهذا. المهم ان الانتخابات المقبلة لن تجري وفقا للقانون الحالي (قانون الصوت الواحد. وهو يعرقل تمثيل الاحزاب والشخصيات العامة).{ جدد الأردن مؤخرا اتفاقه مع صندوق النقد الدولي لمدة ثلاث سنوات. وقد انتهت المرحلة السابقة من هذا الاتفاق الى نتائج سيئة. بأي اتجاه سوف يتم الاصلاح الاقتصادي؟ أي تفكير باقتصاد اردني مستقل هو عبث. فالتوظيفات والسوق المحلية كلتاهما محدودة جدا. وهناك فيض في العمالة الاردنية، ما يجعل تطوير الاقتصاد الاردني مرتبطا جذريا بالتكامل العربي.
رئيس الوزراء الاردني الاسبق احمد عبيداتل»السفير«: للملك عبد الله اجندة قد تفاجئ الجميع والاولوية للداخل العلاقات مع اسرائيل باردة ونأمل من العرب التفهم والاقتراب)
Posted in Uncategorized.