بدء الصراع مبكراً مع الكباريتي الروابدة: حكومتي ستتولى كل الشؤون ولا بد من عودة العلاقات مع العرب***كتب ناهض حتّرحسم رئيس الوزراء الأردني الجديد عبد الرؤوف الروابدة، مبكرا، موقفه إزاء الدور السياسي المحتمل لرئيس الديوان الملكي عبد الكريم الكباريتي في إدارة شؤون البلاد، حين أعلن، في تصريحاته الصحافية الأولى، »ان هذه الحكومة ستعنى بكل شؤون البلاد على الصعيدين الداخلي والخارجي«، في اشارة جريئة الى ان رئيس الحكومة الاردنية لم يعد، كما كان في أواخر عهد الملك الراحل حسين، معنياً، فقط، بالشأن الداخلي.ولم يظهر الروابدة برنامجه الداخلي، لكنه تعهد »بأسلوب جديد« في إدارة البلاد لمعالجة »القضايا الخطيرة« كالفقر والبطالة التي تطال حوالى 27 في المئة من السكان. وفي ما يتصل بعلاقات الاردن العربية، كان الروابدة حازماً بإعلانه »اننا لن نقبل بغير عودة هذه العلاقات الى سابق صفائها ونقائها« متعهدا بالعمل على تمتين العلاقات الاردنية العربية »من دون استثناء« للوصول بها الى »أحسن مستوى«.وتفتتح تصريحات الروابدة هذه الصراع المنتظر في الادارة الاردنية التي هي الآن برأسين: رئيس الحكومة، ورئيس الديوان الملكي. فالبرغم من ان الصلاحيات التنفيذية، في السياستين الداخلية والخارجية، منوطة، في الدستور الاردني، برئيس الوزراء ووزرائه، فإن الحجم السياسي الخاص الذي كونه الكباريتي عبر قيامه بمهمة رأس الحربة في المعركة ضد ولي العهد المعزول الأمير حسن، سيجعل من رئاسة الديوان الملكي، تحت قيادته، مركزا سياسيا اكثر منه إداريا. فوجوده في هذا المركز بالذات سوف يؤدي الى إقصاء كل تأثير سياسي لولي العهد السابق على القصر، وسيعطي لأرملة الملك حسين، نور، دورا ثابتا، وسيضع الملك الأردني الجديد عبد الله، تحت التأثير المباشر للتحالف الذي نجح في إحداث التغيير الصعب في قمة السلطة الاردنية.والروابدة والكباريتي كلاهما يتمتع بشخصية قوية. وسيحاول كل منهما ان يكسب معركة على موقع الرجل الأول. ولكن الصراع بينهما سيعكس، في النهاية، صراع القوى المتناقضة في النظام والبلد. وإذا كان الملك عبد الله الذي أظهر سريعا قدرة مدهشة على المناورة السياسية حين جمع المتناقضات في إدارته الجديدة، سيأخذ دور الحكم بين الرجلين والمدرستين، مؤكدا دوره القيادي، فإن التطورات اللاحقة، محليا واقليميا، هي التي ستحدد النتيجة الاخيرة للصراع… ففي سيناريو يفوز فيه حزب »العمل« او حزب »الوسط« في الانتخابات الاسرائيلية المقبلة ما يفتح، بالتالي، الباب أمام انطلاق ديناميكية جديدة في العملية السلمية على المسار الفلسطيني، وبدء المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية على »الوضع النهائي« تحت العنوان المتفق عليه سلفا، وهو الكونفدرالية الاردنية الفلسطينية، فإن الكباريتي ومدرسته سيقفزان الى المقدمة. وهو ما سيحدث، ايضا، إذا نجحت الولايات المتحدة، ولو جزئيا، في استراتيجيتها المعلنة لإسقاط النظام العراقي.وفي سيناريو آخر له افتراضات معاكسة، يمكن تصور ان حكومة الروابدة ستعيش فترة أطول، وربما يجرؤ رئيسها، عندها، على تطهيرها من وزراء الكباريتي المفروضين عليه، وفي مقدمة هؤلاء، نائبته وزيرة التخطيط ريما خلف، الآتية، الآن، لتفاهم وثيق ونهائي مع صندوق النقد الدولي لإنجاز مشروع الخصخصة، عن طريق الصدمة الجذرية والسريعة.ولا يُنسى، هنا، بالطبع التأثير الذي قد يكون حاسماً للمعارضة السياسية والحركة الشعبية. فقد تواجه سياسات الخصخصة والتقشف او التورط في عداء مكشوف مع بغداد او إجراءات باتجاه الكونفدرالية، ما واجهته هذه السياسات نفسها عندما حاول (رئيس الوزراء) الكباريتي تطبيقها العام 1996، اي انتفاضة شعبية.ويلوّح الكباريتي بأنه سيدعم مطالب المعارضة في ما يتصل بالإصلاحات السياسية، وخصوصا لجهة تغيير او تعديل قانوني الانتخابات والمطبوعات، كما ان تمثيل النقابات المهنية في الحكومة الجديدة، ربما يفتح جسراً للحوار مع الاتجاهات الليبرالية و»المعتدلة« في المعارضة الاردنية، وخصوصا الحركة الاسلامية. ولكن حسابات الشارع الأردني أثبتت، دائما، انها مختلفة، ولا سيما ان البرنامج الاقتصادي المطروح رسمياً، سوف يلحق بالفئات الشعبية المزيد من الإفقار والبطالة والتقشف الحكومي.ورئيس الوزراء الاردني الجديد، وهو سياسي حاذق ومناور من الطراز التقليدي، ليس من المدرسة المنتصرة في عمان. انه ينتمي، بالعكس، الى المهزومين المراد استئصالهم من النظام والحياة السياسية. وهو يرأس حكومة له فيها عدد قليل من الوزراء، وسيخوض، من دون ريب، معركة لتغيير هذا الوضع، ولتأكيد حضوره ودوره وربما »إنقاذ ما يمكن إنقاذه«.وقد بدأ الروابدة بالفعل، بإعلان نواياه: فحكومته هي التي ستعنى بالسياستين الداخلية والخارجية، ما يعني انه لن يسمح (أو للدقة سيحاول ألا يسمح) بالتدخل في صلاحياته المحددة دستورياً. ولم يكن هذا هو عهد رؤساء الحكومات الاردنية في السنوات العشر الاخيرة على الاقل، حينما تحول هذا المنصب، عملياً، الى ما يشبه موقع كبير الموظفين مع تمركز القرار في السياسة الخارجية في يد الملك، وفي السياسة الداخلية في يد شقيقه ولي العهد المعزول (مع استثناء فترة الكباريتي القصيرة).والروابدة المعروف بديناميكيته وجرأته وحدّته المغطاة بروح الدعابة، دخل الى الحياة السياسية، العام 1976، وزيراً في حكومة مضر بدران الأولى، محسوباً على خطه، ولكن مع قدر من الاستقلالية النابعة، أساساً، من قوة شخصيته.وكان بدران، في السبعينيات والثمانينيات، عنواناً لخط سياسي في البيروقراطية الأردنية هو »الخط الأردني« الذي يركز على الشأن الداخلي وتعزيز دور الدولة الاقتصادية الاجتماعي، ويتسم بالحذر من سياسات الولايات المتحدة، وخصوصاً إزاء السلام مع اسرائيل، ويؤكد على النأي بالاردن، خصوصاً، عن القيام بدور في الشأن الفلسطيني، بما في ذلك إقامة علاقات خاصة، كونفدرالية أو سواها، مع المناطق الفلسطينية.وقد افتتحت حكومة بدران الأولى نهج تعزيز العلاقات وفي ما بعد التحالف مع بغداد، خصوصاً بعد ان لعبت دورا مهما في عدم تورط الأردن في »كامب ديفيد«.والروابدة هو سليل هذه المدرسة السياسية. ولكنه اتبع نهجاً براغماتياً، وحافظ على موقعه داخل النظام، على العكس من سليل آخر لهذه المدرسة هو رئيس الوزراء السابق احمد عبيدات الذي تحول، بعد التوقيع على المعاهدة الأردنية الاسرائيلية العام 1994، الى المعارضة.شغل الروابدة، دائماً، مناصب داخلية، فكان وزيراً للمواصلات والاشغال العامة والتربية والتعليم، وبصورة خاصة أميناً للعاصمة. وهو منصب حساس ومرموق في الاردن. وهو على اطلاع جيد على الشؤون المحلية، وله إزاءها تصوّرات مختلفة عن تصوّرات الكباريتي وفريقه، سواء في ما يتصل بدور الدولة الاقتصادي الاجتماعي، أو العلاقة الاردنية الفلسطينية.وفي سعيه الى تكريس حضور سياسي مستقل (ولكن بوصفه أحد رجالات النظام) خاض الروابدة الانتخابات النيابية عن دائرة أربد في دورات 1989 و1993 و1997. وفاز فيها جميعاً، بوصفه مرشحا مستقلا. وكرّس بذلك زعامته السياسية في الشمال، بالرغم من انحداره من أسرة فلاحية فقيرة في بلدة »الصريح« الزراعية بالقرب من اربد.وفي مطلع التسعينيات، أسس حزبا سياسيا »وسطيا« هو حزب »اليقظة« ارتكز خطابه السياسي على خط أردني »عريض«، وهدف الى استقطاب مجموعات سياسية محلية لدعم زعامته، إلا انه فقد اهتمامه بهذا الحزب عندما بدا انه سيكون عبئا عليه، يحد من قدرته على المناورة السياسية، خصوصا بعد تعمق الانفصال بين الشارع الشرق أردني وبين النظام.نأى الروابدة بنفسه عن »عرس« السلام الاردني الاسرائيلي. وبالرغم من انه صوّت في البرلمان الى جانب المعاهدة الاردنية الاسرائيلية، وشارك في حكومات تلتها، فقد كان حذرا، دائما، من الانغماس في شبكة العلاقات الاردنية الاسرائيلية.والروابدة الذي يرتدي، أثناء جلسات البرلمان، غالبا، اللباس العشائري الاردني التقليدي في اشارة للتحدي، حرص، دائما، على إقامة علاقات خاصة مع الاوساط السياسية والصحافية. وربما كان على معرفة مباشرة بكل المهتمين بالشأن السياسي في البلاد. واحتفظ، دائما، بعلاقة ود »واحترام متبادل« مع المعارض الاردني الأبرز ليث شبيلات الذي يؤكد، بدوره، دائماً، ان الروابدة »رجل محترم«.كرّست الحكومة الاردنية الجديدة زعامة الروابدة »الشمالية« خصوصا ان زعيمي البلقاء (مروان الحمود) والكرك (أيمن هزاع المجالي) المعترف بهما، توليا »نيابته«، في مثلث قصد منه الاشارة الى ان البلد ممثل »جوهريا« في حكومة التناقضات.
بدء الصراع مبكرا منع الكباريتي الروابدة : الحكومة الاردنية ستتولى كل الشؤون لا نقبل باقل من عودة العلاقات مع العرب الى صفائها
Posted in Uncategorized.