ناهض حتّر
أعان الله «الحكّام العرب»؛ وألهمهم الصبر حتى تمر هذه الأزمة، بل قل هذا المأزق الذي وضعهم فيه شارون منذ أسبوعين.
في “برامج الجمهور” التي افتتحتها الفضائيات بالمناسبة، يدفع المواطن العربي ثمن المكالمة الدولية المكلفة، لكي يتاح له التنفيس عن غضبه، ومهاجمة “الحكام العرب” وأحياناً بشتائم شعبية من العيار الثقيل يوقفها المذيع، “التزاماً بالحدود”… بعد أن تكون قد بثت بالفعل. والحدود، في فضائية ANN مثلاً تسمح لك بأن تصف «الحكام العرب» بالخيانة، وأن تفتح صدرك وتستنزل لعنات الله عليهم، ولكن إذا أخذتك الحماسة في سيل من الشتائم الشعبية الدسمة، فسوف يحاول المذيع إقناعك بأنك تجاوزت الحدود!
***
«الحكام العرب»، بالطبع، تعبير كودي، والهدف من استعماله هو التوفيق بين غضب المواطن على حاكمه بالذات، ورغبته المشروعة في عدم التعرض للعقاب. وخصوصاً أن الحكام العرب يتسامحون في حالة أنك شتمتهم مجتمعين! ومع ذلك فثمة رجال– وخصوصاً نساء– من مصر والسعودية تحديداً، ينتقلون من التعميم إلى التخصيص. وأكثر السهام يتم تصويبها نحو الرئيس المصري حسني مبارك. وربما كان ذلك مرتبطاً بما يأمله العرب، عادة، من مصر… وربما بأداء السياسة المصرية الضعيف خلال الأزمة الناشبة… وربما بسبب التوترات الاجتماعية–السياسية المحتدمة في أكبر بلد عربي.
***
أتابع اتصالات الجمهور بدقّة، وألاحظ أن نصف الاتصالات هي تعبير عن الغضب العفوي الذي يدلّ على أن وحدة الأمة العربية هي، على الأقل، حقيقة نفسية عاطفية. ولا أستطيع أن أحدّد النسب الأخرى بالدقة نفسها، سوى ان بين المتصلين شتّامين ليس عندهم وعي سياسي ولا عواطف صادقة؛ ومنهم محللون سياسيون أذكياء؛ ومنهم من يستخدم تعبير”الحكام العرب”، بالمعنى السياسي، أي من حيث هو يشير إلى “النظام العربي” المترابط عضوياً بالفعل؛ والقادر على أن يشل الإرادة الطيبة لهذا الحاكم أو ذاك.
***
ويستثني المتصلون، الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، من سهام النقد والشتيمة. بل هو، عند بعضهم، “صلاح الدين”. وإذا كنا نعرف أن الرئيس عرفات هو أيضاً، حاكم عربي بكل المعاني المعروفة، وجدنا أن الجماهير العربية لديها الاستعداد للتسامح إزاء كل العيوب، بل هي تعلي من شأن الحاكم– على عيوبه – إذا اشتبك مع اسرائيل. فالتحدي الإسرائيلي ما يزال، إذاً، هو المحور الذي يستفز الحراك السياسي عند العرب من المحيط إلى الخليج.
***
على يافطة رفعها متظاهرو المنامة الشجعان عبارة تقول: «الحكام العرب نائمون– يرجى عدم الإزعاج!». ولكن الحقيقة هي أن هؤلاء لا يعرفون النوم أبداً بين نار شارون… ونيران الجماهير العربية التي لم تظهر منها بعد غير ألسنتها.
“يرجى عدم الإزعاج”
Posted in Uncategorized.