“يألفونكَ.. فانفرْ”

ناهض حتّر
نداء يتردد في داخلي -في الاصل: عنوان مجموعة شعرية للراحل محمد عدوان- احسه الحد الفاصل الذي يحافظ على قلبي وخطوتي في ضفة الثقافة.

الثقافة -في جوهرها الفرد- هي الضد، والنقيض، والمعنى في عالم مختلط الاوراق: معنى ان تكون ومعنى ان تنأى عن ألفة «السستم»، تحافظ على روحك طليقة حرة مقدامة.

ليست الثقافة – وان كانت- الشعر والنثر والموسىقى الخ انها -في التحليل الاخير- رؤية حادة كالنصل، لا تتعاطى مع تدوير الزوايا، خصوصا عندما يتعلق الامر بالموقف من الاحتلال.

حسنا! فليعقد رجال الاعمال ما شاءوا من مؤتمرات «اعادة بناء» العراق المحتل.. لكن صدمني في العمق، وسالت دماء قلبي حين جاءني الخبر عن انعقاد اسبوع ثقافي عراقي في عمان!

الثقافة العراقية -بالطبع- مكون اصيل لارواحنا شعرا وقصة وفكرا وموسيقى! لكن ان يتم تلفيق نشاط ثقافي عراقي في عمان، القصد منه انعقاد مظاهرة سياسية لمؤيدي وانصار الاستعمار الامريكي للعراق، وباسم الثقافة العراقية، فهذا احتيال رخيص، وتدمير للقيم الثقافية الاساسية.

ما علاقة وزراء حكومات الاحتلال الامريكي في العراق بالثقافة العراقية؟ ما علاقتهم، اصلا بالثقافة؟ هل يمكن ان يكون المثقف او نصير الثقافة، متعاونا مع محتلي وطنه، ومدمري بلده، ومغتصبي شقيقاته؟ كيف؟ دعوا هؤلاء في مساحة البزنس.. او -للدقة- فليبق هؤلاء في «المنطقة الخضراء» تحت حماية الدبابات الامريكية، يمارسون نشاطات الاستيراد.. وتصدير النفط وصنع المأساة.. اما الثقافة فلا تستظل بدبابات الاحتلال.. ولا يعنيها رنين الذهب، بل راية الحرية وبندقية المقاومة وصرخة الرفض للاغتصاب.

يفجعني ان يكون الاسبوع الثقافي – السياسي العراقي – بكل ضيوفه من اصدقاء الاحتلال الامريكي – تحت رعاية رجل احترمه هو وزير الثقافة، د. عادل الطويسي – ويدميني ان يكون رفيق عمري الشاعر جريس سماوي في معمعات هذه اللعبة.

انا – ايضا – سياسي.. ولا اطالب الحكومة الاردنية بما لا طاقة لها به في مواجهة الاحتلال الامريكي.. ولكن الا يمكن ان تكون وزارة الثقافة غير وزارة الخارجية؟! الا يمكن ان تتركها الحكومة في مساحة محايدة للحفاظ على الروح والمعنى، اقله لتمكينها من استقطاب المثقفين الى فعالياتها؟!

الاسبوع الثقافي العراقي – الامريكي في عمان، يجيء في اطار حملة تصعيد ضد المثقفين العراقيين والعرب الوطنيين المعادين للاحتلال الامريكي والامركة. فالمدعو موفق الربيعي يصدر الان قوائم باسماء كبار المثقفين العراقيين بتهمة دعم «الارهاب» من هؤلاء – مثلا – سعدي يوسف! شاعر العراق الكبير، اصبح عند الربيعي، من انصار «الزرقاوي» فيا للانحطاط!

المثقفون العراقيون والعرب الكبار محصنون- برؤياهم ووجدانهم الثقافي – ضد التكفير والارهاب والارهابيين.. لكنهم ايضا محصنون ضد التعامل مع الاحتلال .. والامركة انهم – بلا مواربة مع المقاومة.

الثقافة تساوي المقاومة

المقاومة ضد الغزاة وضد «التعاون» وضد التدليس، وخلط الاوراق

***

يؤسفني انني – كمثقف اردني- مضطر لمقاطعة الاسبوع الثقافي العراقي – لانه امريكي – ويؤسفني اكثر انني اعلن مقاطعتي لوزارة الثقافة ونشاطاتها اذا لم تتراجع عن «رعاية» اللعبة الجديدة لانصار الاحتلال في العراق تحت يافطة.. ثقافية.

Posted in Uncategorized.