ناهض حتّر
دعا أحد الأحزاب الأردنية الصغيرة، الى لقاء مع السيد «حميد مجيد موسى»، الأمين العام للحزب الشيوعي العراقي.
ولعله من النافل الاشارة الى ان الحركة الشيوعية العراقية تحتل موقعاً كبيراً في تاريخ العراق المعاصر. وربما كان الشيوعيون العراقيون هم الذين استطاعوا بناء حزب جماهيري فاعل، لم يحظ بمثله رفاقهم العرب.
أرسى الشيوعيون العراقيون تقاليد الكفاح من أجل التحرر الوطني والديمقراطية وسعادة الشعب الكادح. وهو ما يلخصه شعارهم «وطن حر وشعب سعيد» وكان لهم دور بارز في تأسيس مدرسة الوطنية العراقية المثقفة القائمة على الانتماء للفئات الشعبية والفكر التقدمي.
ولكن.. هذا كلّه يعود الى تاريخ مضى، تحتضنه الكتب، وينتظر اولئك الذين سوف ينهضون به، بحيث يعود الحزب الشيوعي العراقي الى خندقه الطبيعي، خندق التحرر الوطني.
أما. الآن – ويا للأسف – فان حميد مجيد موسى، يمثل القوى المؤيدة للاحتلال الامريكي – البريطاني في العراق. وقد كان الرجل عضواً في ما كان يسمى «مجلس الحكم» الذي انشأه حاكم العراق الامريكي بول بريمر. وكان يقصد باشراك شيوعي في ذلك المجلس، تحسين صورته وصورة الاحتلال الغاشم، في عيون اليسار الاوروبي.
لعب مجيد حميد هذا الدور في خدمة بريمر، وسوّغ الاحتلال الاجنبي المجرم، برطانات تبدو يسارية، زيفاً، وساعد الرجعيين الطائفيين من عملاء المخابرات الايرانية «حزب الدعوة ومنظمة بدر» على خلق شيعية سياسية في العراق، تعمل في الآن نفسه، لمصلحة الاحتلالين الامريكي والعراقي. وهي انتهت، بالطبع، الى تهميش الشيوعيين.
كل السياسيين، من كل الاتجاهات، يرتكبون اخطاء وخطايا، لكن خطيئة التحالف مع العدو الاجنبي ضد الوطن، لا تُغتَفر، كذلك خطايا الاصطفاف الطائفي، وتبرير تدمير الدولة العراقية، والصمت على المجازر الامريكية والايرانية ضد الشعب العراقي، والهجمة على عروبة العراق.
هنيئاً للذين سيستقبلون هذا المساء، خادم بريمر وعضو مجلسه الاحتلالي! لكننا واثقون ان الحزب الشيوعي العراقي سوف ينتفض وينهض من هذا المستنقع، ويكتشف مكانه الطبيعي في صفوف المقاومة العراقية. وهي تتمثل في اشكال عديدة، مسلحة وسياسية وثقافية. ونحن نقبل من الشيوعيين العراقيين، الآن، النقد الذاتي، والتراجع عن سياسات خدمة المحتلين، الى المطالبة بجدول زمني لانسحاب كل القوات الاجنبية من العراق، بما فيها الميليشيات والمخابرات الايرانية.
لم يعد الحديث عن مظالم نظام صدام حسين يقنع أي ساذج. فهذا النظام أصبح من الماضي. وصدام حسين – على استبداديته – يظهر حملاً وديعاً أمام فاشية «بدر» و«حزب الدعوة» والبشمرجة، وسادتهم في واشنطن. والمطلوب، الآن، من كل عراقي شريف ان يطالب المحتلين بالرحيل، والعراقيين بالمصالحة وإعادة البناء.