36عاما .. و خبر من 36 كلمة في ذكرى الشهيد !وعندما يقول الأردني : ‘الشهيد’ بلا تخصيص ، فإنما يقصد وصفي التل !
وعندما لا يكفّ الأردني عن حب أبي مصطفى ، فهو لايغرق في الحنين ، وإنما يفكر في المستقبل !
ذكرى الزعيم ، هذا العام، مرّةٌ ، كأنها غصّة ودمعٌ حبيس ، كأن انتظارنا ينهار، ورجاؤنا يخبو!
أريد أن أوضح ، هنا، أن ما يجعل الأردني أردنيا ،و الفيصل في الانتماء ، والذروة في العشق ، هو ذلك الحنين المتوقد بأحلام النهضة.ثانيا ، ان الستة والثلاثين عاما أثبتت صوابية نهج الشهيد في الشأنين الأردني والفلسطيني ،
ثالثا ، نريد اعتذارا ، إذن، عن كل إساءة لحقت بشهيدنا ، من أنى جاءت !
ورابعا ، وصفي التل ليس أيقونة .. انه مدرسة وبرنامج ! وما تزال مدرسته هي الأعمق وبرنامجه هو المطلوب.
مَن هو وصفي التل ؟
وطني أردني مُلهَم مؤمن بتاريخية الدولة الأردنية ، ومكانتها الاستراتيجية ، ومشروعها الوطني ، ودورها الإقليمي .
أعني أنه وطني أردني من سلالة الحارث الأول ، ويزيد ، وصايل الشهوان..
عدوّ عقائدي للصهيونية ..
مؤمن بحتمية الصراع ـ الأردني ـ معها حتى النهاية . الأردن ، عنده، ليس صغيرا وليس هامشيا ، ولا دوره دور حمامة السلام . الأردن ، عنده، دولة وطنية ، بل قل الدولة الوطنية الأقدر في المشرق العربي على التحشيد للصراع : نكون أو لا نكون!
وجود إسرائيل ، عند أبي مصطفى، مضاد لوجود الأردن . والأردن ، عنده، ليس مساحة تنتهي عند حدود ، بل عند الإرادة!
مَن هو وصفي ؟
استراتيجي الدفاع المخذول أم المقاتل أم الفلاح المتحضر من مدرسة اليسار الاجتماعي : مؤمن بالقطاع العام ـ ومؤسسه في بلدنا ـ ومؤمن بنهضة الريف ، بالزراعة والصناعة ومجانية التعليم والطبابة وتوسيع دائرة الفرص والبحث عن المواهب ، وتوسيع القاعدة الاجتماعية للنظام السياسي بلا حدود أيديولوجية أو طبقية أو جهوية !
منظّر الأيديولوجية الوطنية الأردنية ، وفيها شقان : دولة فاعلة مبنية على التحالف الاجتماعي الداخلي والفرص العلمية والوظيفية والتنموية والسياسية لأبناء الحراثين.
وكان طبيعيا أن تعاديه اسرائيل وأميركا والديموغوجية الناصرية والفتحاوية ، لكنني ما أزال حائرا في أمر اليساريين الأردنيين الذين أعوزتهم الشجاعة لكي يفهموا أبا مصطفى كجناح يساري . وما اليسار الممكن في الأردن سوى القطاع العام ودور الدولة الاقتصادي ـ الاجتماعي والطرق الزراعية ودفع القوى التنموية والتعليم العالي المجاني والطب للجميع وتكافوء الفرص ومحاربة الفساد ومراكز النفوذ والاقطاع السياسي ؟
للمستقبل ما يزال نهج وصفي هو طريق الأردن الآمن : الإيمان بالدولة والمشروع الوطني ، العداء العقائدي لإسرائيل والتحضير للمواجهة معها ، كسر مشروع الوطن البديل ، القطاع العام ، والتحالف الوطني الاجتماعي : أولوية العام على الخاص ، وأولوية الدولة والمجتمع على المصالح الرأسمالية والفردية ، وأولوية الداخل على الخارج ، أي إخضاع العلاقات الخارجية لخدمة المشروع الوطني وليس العكس .
أبا مصطفى ،
36 طلقة مدفعية لذكراك
36 وردة على ضريحك الحي
……………………………
كلا .. ليس حنينا
كلا .. إنه المستقبل
…………………………..
وما قتلوه ، وما صلبوه، ولكن شبه لهم !