ناهض حتّر
لم انه قراءة صحف الصباح امس «الثلاثاء» بحثت – متعجلا – عن هاتفي النقال واغلقته، خجلان وحائرا، خوفا من مكالمة ساخرة.
الاثنين، كنت في زحلة بلبنان، وقد تباهيت – علنا وبثقة زائدة – بقرار الحكومة الاردنية – الشجاع – في رفض استقبال وزيرة الخارجية الاسرائيلية في عمان.
ولم اكتف – لسوء الحظ – بالتباهي.. ، وبدأت «الاحظ» دلالات هذا القرار في سياق التغيير الذي يتبلور في السياسة الرسمية الاردنية بعد العدوان الاسرائيلي الهمجي على لبنان وصمود المقاومة والتبدل النسبي الحاصل في ميزان القوى الاقليمي، وسعي الاردن الى لعب دور جديد. في اعادة الاعتبار الى الشرعية الدولية وقراراتها بشأن القضية الفلسطينية، وهو ما يتطلب اتخاذ مواقف قوية ازاء اسرائيل وسياساتها.
واضفت بان هذا القرار ذكي.. طالما انه فاعل سياسيا من دون ثمن، فحكومة اولمرت… ضعيفة وهي – بعد فشلها في لبنان – تترنح.. والارجح انها سوف تسقط عما قريب، بعدما سقط برنامجها القائم على «الانفصال من طرف واحد» وهو برنامج كان يقض مضاجع المسؤولين الاردنيين الذين استخدموا كل الوسائل الدبلوماسية المتاحة لديهم، لمجرد اقناع اولمرت بتأجيل تنفيذ برنامجه لمدة ستة اشهر، وها هو البرنامج اللعين قد انتهى ما يفتح الباب امام نهج جديد للدبلوماسية الاردنية في التعامل مع اسرائيل..الخ.
* * *
كل هذا الكلام، لم يعش سوى ساعات. ففي صحف الثلاثاء، نفى الناطق باسم الحكومة الاردنية ناصر جودة الانباء عن الغاء زيارة او طلب لوزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني او تعقيد الاجراءات في وجه تقديم اوراق اعتماد السفير الاسرائيلي الجديد في عمان!
النفي – بقطعيته المستنكرة – يستأصل اي فكرة عن التغيير في السياسة الرسمية الاردنية ازاء اسرائيل، و «الناطق الرسمي» لم يرد حتى الاستفادة من «الانباء» المعنية بالتعاطي الرمادي معها: فالعلاقات الاردنية – الاسرائيلية لا تشوبها شائبة… بل ان اسلوب تقديم الاستدعاءات للاسرائيليين للنظر في الطلبات الاردنية، ما يزال قائما. ففي كواليس «العرب اليوم» – امس «ان السفير الاردني في تل ابيب علي العايد، التقى وزير الصناعة والتجارة الاسرائيلي في اطار الجهود المبذولة للافراج عن الاسرى الاردنيين في اسرائيل»، ومثلما يقول الخبر كان الوزير الاسرائيلي وعد العايد بنقل طلبه الى رئيس الحكومة الاسرائيلية»!!
* * *
بالخلاصة، استنتجت ان كل محاولة لتبرير او تحسين صورة السياسة الرسمية الاردنية هي محاولة فاشلة وتضطر صاحبها الى اغلاق هواتفه.