واقعيون

منطقة خطر

ناهض حتّر
تُغمض السياسة الأردنية عيونها عمّا هو متاح لها من خيارات، ولا ترى إلّا خيارين: فإمّا استجداء اتفاق غير ممكن مع منظمة التحرير، وإمّا التسابق معها في «التطبيع»، والتلويح بتجاوز قيادة المنظمة للتفاهم، مباشرة، مع «إسرائيل» في الشؤون الأردنية – الفلسطينية.
وكأن منظمة التحرير و«إسرائيل» هما القوّتان الوحيدتان في المنطقة، وكأن العالم أغْلَق عليهما، مع أنهما، كلتاهما، تنظران إلى الأردن بوصفه موضوعاً لمشاريعهما السياسة-الاقتصادية، لا بوصفه «ذاتاً» يجري الحوار معها للوصول إلى اتفاق أو تأسيس شيء مشترك!!
…هذا بينما نتوسط قوتين عربيتين أساسيتين، اليوم… وغداً، في هذا «الشرق الأوسط» هما سورية -التي فرضت على الرئيس الأميركي لقاء الرئيس الأسد في منطقة محايدة، كما كانت موسكو تفعل أيام عزها-والعراق، وهو عمقنا الاستراتيجي -وتفعيل علاقاتنا السياسية والاقتصادية معه لا يساعده فحسب، بل يساعدنا أكثر – بالإضافة إلى تحالفات أخرى ممكنة: مع (حماس) و (حبش) -وزيارته الأخيرة للأردن ذات دلالة – وحواتمة… عداك عن القوى الوطنية اللبنانية -وهي ترنو إلى علاقات أفضل مع الأردن لاعتبارات عديدة عندها.
والميزة في هذه القوى كلّها أنها تحتاج، موضوعياً، إلى الأردن، وتتعامل معه بوصفه «ذاتاً»، وتريد أن تؤسس معه شيئاً مشتركاً… في الإطار العربي الذي لا حياة لهذا البلد خارجه!
في أيدينا أوراق كثيرة، وتنقصنا الإرادة حسب، لنقلب الطاولة على طرفي التعاقد في «أوسلو» رأساً على عقب! والانتظار مؤذ جداً، وربما يكون ثمنه وجود هذا البلد وعروبته.
تطالبوننا بالواقعية السياسية؟!
نحن واقعيون، ولأننا كذلك… نقول لكم أن طريق أريحا-تل أبيب غير سالكة… ففي أوسلو اختارت منظمة التحرير «إسرائيل» وإلى النهاية… وبالمقابل اختارت «إسرائيل» المنظمة، وإلى النهاية أيضاً. ولا خيار لهذا البلد إلّا الخيار العربي!
نحن واقعيون، ولإننا كذلك، نقول لكم: نعم، الأردن ليس كوبا… وليس العراق… وليس سورية… ولكن، على الأقل، يمكن أن يكون الأردن في حجم لبنان، وفي ارتياحه الراهن، وقدرته… المستمدة من:
1) رفضه التعاطي مع «إسرائيل» انفرادياً وتطبيعياً.
2) رفضه التعاطي مع منظمة التحرير… و«أوسلو» ونتائج أوسلو.
3) خياره العربي المتجسّد في علاقاته المميّزة مع دمشق.
عندنا خيارات كثيرة … أقلها دمشق.

Posted in Uncategorized.