ناهض حتّر
بحث واستدراج منح نفطية «وأسعار تفضيلية» من الدول الخليجية، بديل مؤقت، لكنه أصبح، بالطبع، ضرورة ملحة للاقتصاد الاردني الذي لن يستطيع ان يشتغل تحت ضغط الاسعار العالمية للنفط، المرشحة للتصاعد في المدى المنظور. ونحن لا نتحدث، فقط، عن تفاقم الازمة الاجتماعية، ووقوع مئات آلاف الاردنيين في وهدة الفقر المدقع، بل نتحدث، ايضا، عن شلل العملية الاقتصادية برمتها. فالبنى التحتية الاردنية، وانماط البناء والسكن والانتاج والخدمات والمواصلات والنقل، كلها، قائمة، اصلا، على النفط الرخيص. ولا يكاد البلد يتنفس جراء الارتفاعات الحاصلة حتى الآن في اسعار النفط .. فما بالك عندما يصل سعر البرميل الى 100 دولار؟
هل توجد أنباء سارة؟ نرجو ذلك. ونتمنى لرئيس الوزراء معروف البخيت، ان ينجح في مساعيه النفطية مع الاشقاء. لكن، علينا ان ندرك ان أي نجاح يتم تسجيله في هذا المجال، هو نجاح مؤقت، وهو يصبح، بالتالي، مفيداً، فقط اذا كان في اطار خطة داخلية متوسطة وبعيدة المدى، تضمن اعادة هيكلة الاستخدامات النفطية وتخفيضها وزيادة انتاجية الاستهلاك النفطي، قبل التحول، في اطار جدول زمني، الى الغاز، وربما استغلال الصخر الزيتي.
في البيان نفسه، وبالتوازي، لم يعد هناك مفر من معالجة المشكلة الاجتماعية عن طريق اعادة توزيع الثروة – لا بالاحسان والاعمال الخيرية – ولكن بوساطة اعادة هيكلة ضريبة الدخل وضريبة المبيعات، بحيث يتحمل الاغنياء، اعباء الخزينة، والعودة الى تمويل الدعم للسلع والخدمات الاساسية.
هل هنالك تصوّر؟ هل هناك خطة؟ اعتقد أن الحكومة، الآن، مطالبة بصبّ كل جهودها في هذا الميدان، وايجاد ذلك التصور .. واعلانه في خطة متكاملة ذات جدول زمني. من دون القيام بهذه الخطوة، سيظل القلق والجمود، يسيطران على البلد، ويدفعان الاقتصاد الى حالة من انعدام اليقين. بالعكس، فان استيعاب المصاعب الراهنة، ممكن، اذا كان هناك ضوء في نهاية النفق.
بين اللحظة الحاضرة وبدء الجدول الزمني لخطة بعيدة المدى لتلافي تأثيرات الارتفاع المتواصل في اسعار النفط، هناك فجوة زمنية، من الملحّ العمل على تغطيتها عبر المساعدات النفطية العربية.
هنا، أيضا، علينا أن ندرك أن الحصول على تلك المساعدات، ليس، رهناً، فقط، بالشريك «الامريكي» بل كذلك، بصورة رئيسية، من خلال تعزيز العلاقات الثنائية مع الحكومات واصحاب القرار بالطبع، لكن، في الوقت نفسه، مع الشعوب.
وهو ما يتطلب تهدئة الاداء السياسي والاعلامي، ووقف الاشتباكات من جهة، واظهار الحزم ضد الافراط في الفساد والاستهلاك والهدر. وبصورة خاصة، لا بد من مضاعفة الحرص على الآليات الشفافة في التعامل مع المساعدات النفطية.
هذه النقاط مهمة جداً، لأن الرأي العام في دول الخليج لم يعد ساكناً او غائباً، وهو يلعب ادوارا مختلفة في القرارات الحكومية الخليجية، بصورة مباشرة «مثلما هو الحال في الكويت» او غير مباشرة «مثلما هو الحال في السعودية».
علينا ان نكسب، اذن، ود واحترام الفعاليات الشعبية في الخليج، وذلك ممكن بالتهدئة السياسية من جهة، وبالمبادرات الشعبية الاردنية، من جهة اخرى.
وعندما تكون هنالك خطة وطنية للخروج من المأزق، يمكن، عندها، تحشيد كل القوى الاجتماعية والسياسية، لتحقيق الاهداف المشتركة.