ناهض حتّر
اللفتننت جنرال ويليام اي او دوم (متقاعد) – أكاديمي الآن، وكان مديرا لوكالة الأمن القومي الامريكية بين عامي 1985و1988- كتب في العدد الاخير من مجلة «foreign policy» الرصينة، مقالاً بعنوان: «هل سنسارع بالهرب؟ بالتأكيد». وتحته عنوان فرعي: «لماذا يجب على امريكا الخروج من العراق»؟
يبدّد أو دوم». في هذا المقال الموجز وشديد الاهمية، الحجج التي يقدمها دعاة البقاء في العراق، واحدة تلو الاخرى، بدقة منهجية تبتعد عن روح السجال.
(1) «اندلاع الحرب الاهلية»؟ يقول الكاتب ان هذه الحرب اندلعت بالفعل بعيد الاحتلال الامريكي للعراق. الحرب الاهلية موجودة بالفعل. والبقاء في العراق لن يخمدها بل سيعززها.
(2) «الانسحاب سيشجع الارهابيين». وهذا – كما يقول او دوم – صحيح. لكن الارهاب جاء إلى العراق بعد الاحتلال الذي وفر للقاعدة مكاناً آمناً، ودفع بالاطراف البعثية وسواها إلى التحالف معهم. في حين ان الانسحاب سيوفر جانباً مضيئاً، فمن المتوقع، بعد الانسحاب، ان تنقلب الجماعات المسلحة الوطنية على «القاعدة» وتطردها من البلاد.
(3) «قبل ان تتخلى القوات الامريكية. يجب ان تقف القوات العراقية على قدميها.» وهذا غير صحيح لان مشكلة القوات العراقية، ليست الكفاءة، بل السياسة. والقوة السياسية لا يمكن احلالها بالانتخابات او الاستعمار الامريكي، بل بالحسم الداخلي.
(4) «تحديد موعد للانسحاب سيحطم معنويات القوات الامريكية». كلا فالجنود سيرحبون بالانسحاب في اسرع وقت ممكن، وحالما يتم تحديد موعد، سوف ترتفع معنوياتهم لا العكس.
(5) «الانسحاب سوف يقوض مصداقية الولايات المتحدة في العالم»
بالعكس تماماً. فالولايات المتحدة، بانسحابها من العراق، سوف تتمكن من استعادة صدقية الولايات المتحدة ويعزز صورتها في الشرق الاوسط واوروبا وحول العالم، ويتيح للدبلوماسية الامريكية، حرية الحركة، والتعامل مع ملفات عالقة. وبخصوص العراق، فانه اذا كان البقاء الامريكي في العراق هو جائزة للايرانيين و«القاعدة»، فان الانسحاب من ارض الرافدين سوف يجلب العرب والاوروبيين للمساعدة في اعادة اعمار البلد، وتطبيع اوضاعه.
***
علينا ان نرى، إذن، إلى اين وصل النقاش الامريكي بشأن العراق. واتجاه الريح يقود نحو انسحاب قريب وكامل في سياق خطة عربية ودولية. وربما يكون هذا الانسحاب -بل هو كذلك على الارجح- حجر الزاوية في اعادة ترتيب الاستقرار الاقليمي وبناء النظام العربي والعودة إلى طاولة المفاوضات العربية – الاسرائيلية. وتلاشي تصاعد الازمة مع ايران، والازمة النفطية، ويفتح الباب امام تحولات ديمقراطية على صعيد المنطقة.
هل يمكن للحكومات العربية – ومنها الاردنية- الحديث مع الامريكيين بهذا المنطق؟ يمكنهم الحصول على مساعدة من مستشارين امريكيين عديدين ذوي صدقية مثل او دوم.