ناهض حتّر
نحن نرفض، من حيث المبدأ – وكليا ونهائياً – استئصال حزب البعث من العراق، اولاً لأن الاستئصال – بحد ذاته – هو نزعة فاشية، من شأنها الحاق الاذى بعشرات آلاف الافراد والاسر، وتتداخل مع خطط التطهير العرقي. وثانياً لان استئصال اي تيار سياسي اجتماعي هو قطع صريح مع الديمقراطية وحقوق الانسان، وثالثاً، لان التيار البعثي – تحديداً – هو احد عناوين الديناميكية العروبية في العراق.
لكننا نرفض، في الوقت نفسه، وبالمبدئية نفسها، اية نزعة بعثية لاستئصال تيارات وطنية اخرى هي جزء لا يتجزأ من الحركة الوطنية العراقية.
ونحن لا نعرف بالضبط، ما اذا كان ما يسمى جهاز النشر والاعلام – حزب البعث العربي الاشتراكي «العراق» ممثلاً للموقف الرسمي للبعثيين العراقيين، خصوصاً المنخرطين في المقاومة العراقية. وما زلنا نأمل ان يكون هذا «الجهاز» مجرد مجموعة هامشية لا تعبّر عن الخط البعثي العريض.
ففي بيانين اصدرهما هذا « الجهاز» الاسبوع الماضي، هجوم غير مبرر على الاسلام السياسي بعامة، ما يعكس رغبة «الجهاز» بالاستئثار بالمقاومة العراقية ، تحت شعارات علمانية زائفة تتجاهل المستجدات الحاصلة في الحركة الوطنية العراقية، المنطلقة بعد الاحتلال الامريكي للعراق، وتعكس هبة الشعب العراقي لانقاذ الدولة الوطنية العراقية التي اكرهها البعثيون على العزلة، واضعفوها، ويتحملون جزءا من مسؤولية سقوطها.
في بيان ثان «للجهاز» اياه، هجوم على « التيار الصدري» وهو التيار الشيعي العروبي المضاد للاحتلال والتقسيم والنفوذ الايراني. ويكتفي الجهاز بالاعلان عن ان البعث يستثني الصدريين من الحركة الوطنية.. و«انه، بهذا الاستثناء يصبح التيار الصدري جزءاً من القوى الطائفية العميلة» هكذا من دون معطيات ولا مبررات ولا مناقشة.
انها عودة مقيتة للاساليب الدكتاتورية البغيضة، واستعادة لنهج الاستئصالية والاستعلاء والتخوين .. الذي فتت الجبهة الوطنية العراقية، وسمح لمرتزقة ايران بادعاء تمثيل قسم من شيعة العراق.
الاستئصال البعثي للصدريين له رائحة استئصالية وطائفية مضادة مخفية تحت شعارات العلمانية الزائفة. وهو يسهم في تعميق الانقسام الطائفي ويغلق امكانات التلاحم العربي «السني – الشيعي» ضد المخطط الامريكي الاسرائىلي لتقسيم العراق.
واخيرا، فهو يتضمن رسالة الى الامريكيين من اجل التفاوض وكلها دلالات كريهة.
ما زلنا نأمل من البعثيين المناضلين، استنكار بيانات «الجهاز» اللا مسؤولة والمشبوهة في هذا الصدد، والكف عن تمزيق صفوف الحركة الوطنية العراقية التي كان النظام السابق قد دمرها بالقمع والتخوين والاقصاء.
من حسن الحظ ان جماهير تكريت «السنية – البعثية» لم تأبه لبيانات الجهاز، ورفعت في مظاهراتها ضد الدستور/ المؤامرة، صورة السيد مقتدى الصدر جنباً الى جنب مع صورة الرئيس صدام حسين.