توصّلت الدولتان الأعظم إلى حزمة كاملة للحل السياسي في سوريا؛ آخر العقبات المتغلقة بالرئيس بشار الأسد تم تجاوزها، ووفق ما تريد موسكو.
يقول نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف: ‘ لقد أزحنا هذا الحجر من الطريق (.)، ففي نهاية المطاف، وجدت موسكو تفهما في واشنطن لموقفنا الأساسي بأنه ينبغي ألا تطرح قضية مستقبل الرئيس السوري على جدول الأعمال (بالمفاوضات) في المرحلة الحالية.’ وأضاف:’ بشار الأسد رئيس شرعي لسوريا. وتتعاون روسيا معه على هذا الأساس’.
الآن، زال الغموض الذي يكتنف البند الخاص ب’آليات الحكم الانتقالي’ في وثيقة المبعوث الأممي دي مستورا؛ فأيّا كان شكل الحكم الإنتقالي، ل18 شهرا، فسيكون تحت سقف ‘مقام الرئاسة’ الذي اعتبره وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، في تصريح شهير، ‘ خطاً أحمر’.
وبالنسبة للبنود الأساسية في وثيقة دي مستورا، فإنها مكتوبة، بالأساس، من وجهة نظر الحكومة السورية: الدستور العلماني، ووحدة وسيادة الجمهورية، وإدانة التدخلات الخارجية، ومكافحة الإرهاب، وحصرية شرعية السلاح بالجيش السوري، وادماج المسلحين في صفوفه، والحفاظ على مؤسسات الدولة وإصلاحها، وتمثيل النساء بنسبة 30 بالمئة، وعودة اللاجئين، وإعادة الإعمار.
وعلى رغم أن واشنطن رفضت الترحيب بعمليات الجيش السوري الناجحة ضد داعش في تدمر وشرق سوريا، فإن تفاهمات كيري ـ بوتين، نصت على قيام التحالف السوري الروسي باستكمال ضرب داعش وتحرير الرقة.
التوافق الروسي الأميركي شمل أيضا تركيبة وفد المعارضة في جنيف 3؛ فبالإضافة إلى ممثلي معارضة الرياض، سيشارك ممثلون عن معارضة موسكو والقاهرة والداخل السوري والأكراد والمجتمع المدني. وهو ما يعني أن حصة كل فريق في الحكومة الانتقالية لن تزيد عن مقعدين إلى ثلاثة، بينما سيحتفظ البعث بالدفاع والداخلية والخارجية.
الدستور العلماني الذي سيزيل بندي دين الدولة والرئيس ومصدر التشريع، سيسحب أي شرعية لتيارات الإسلام السياسي، ويحظرها بموجب القانون. وهكذا يكون البعث قد حسم صراعه مع الإخوان المسلمين وتفرعاتهم بدعم أممي.
أما البنود المتعلقة بالحريات والآليات الديموقراطية، فقد أصبحت من تحصيل الحاصل؛ لكن التفاوض سوف يتم حول نمط الديموقراطية السورية الآتية: هل هي برلمانية أم رئاسية؟ فإذا كانت برلمانية، يغدو منصب الرئيس شكليا، وينتخبه البرلمان. وإذا كانت رئاسية، فسوف تحسم صناديق الاقتراع مَن سيكون رئيس الجمهورية.
الانتخابات التشريعية والرئاسية سوف تجري تحت إشراف دولي في أواخر 2018 أو أوائل 2019، بمشاركة حزب البعث وحلفائه والرئيس الأسد. ومن المتوقع أن يحصل البعثيون والجبهة الوطنية التقدمية على 40 بالمئة من مقاعد البرلمان، مشكلين الكتلة الأكبر، بينما من المؤكد أن يحصد الأسد ما يتراوح بين 55 و60 بالمئة من أصوات الناخبين.
رغم المأساة، فإن سوريا العلمانية التقدمية الديموقراطية، تتشكل الآن، محتفظة بكل مكتسبات الحقبة السابقة من مؤسسات الدولة ومنظومة الانتاج والجيش الوطني الذي اكتسب أعلى الخبرات الميدانية، وتسلّح بأحدث المنظومات القتالية. وهي، بذلك، ستتضاعف مكانتها الإقليمية، وتغدو أكثر جاهزية لاسترداد الجولان، والقيام بدورها العربي والإقليمي.