يتجه المعنيون من أهالي الفحيص، ملاّك الأراضي التي ذهبت ضحية صفقة خصخصة غامضة ومريبة لمصانع الإسمنت بالفحيص، إلى مقاضاة دولية ( في محكمة لاهاي) شركة النهب الفرنسية لافارج التي، مقابل 60 مليون دينار، راكمت أرباحا تتجاوز المليار، وها هي تستعد لسرقة 1880 دونم من أراضي الفحيص، موقع المصنع الذي استنفد صلاحيته، وسيتم تفكيكه.
اتجاه إيجابي غير أنه كذلك بما يحققه من أهداف اعلامية وسياسية؛ فاتفاقية خصخصة مصانع الإسمنت اختفت بقدرة قادر، ضاعت.. أو أن الحكومة الأردنية، تحجبها عن النواب والرأي العام والقضاء، لغاية في نفس الفاسدين.
طريق القضاء وتدقيق المخالفات والسجال القانوني، طريق صائب ولا بد منه، مهما كانت العقبات؛ إلا أن استعادة الحقوق، تحتاج إلى معركة من نوع مختلف: هذه الأرض لنا ، وسوف نستعيدها؛
أولا، لأنها أرض الآباء والأجداد، ولأنها استملكت ، بالأساس، لشركة وطنية، جرى بيعها للناهب الفرنسي وشركائه المحليين، ولأن استغلال الأرض كمنجم استنفد كل الأرباح التي لم ينل أهالي الفحيص منها سوى الفتات، والكثير من الغبار القاتل للبيئة والإنسان،
ثانيا، لأن قضية أراضي الفحيصية المنهوبة هذه قضية وطنية ، تطرح ملف الخصخصة، بغموضه وفساده ولا جدواه. وهي قضية تهم كل الأردنيين،
ثالثا، لأن 1880 دونم من أراضي الفحيص، لا تشكل قضية مُلكية، وإنما هي قضية اجتماعية وثقافية؛ فالفحيص ربما تكون من آخر المدن الأردنية التي حافظت، ولو نسبيا، على بيئتها الطبيعية وتراثها الأردني وثقافتها الأصيلة؛ فإذا تركت هذه الأرض ( التي تساوي مساحتها مساحة القدس القديمة ) للناهبين، فلسوف يملأونها استثمارات عقارية مدمرة، وقصورا وفللا للخلايجة، واسكانات، ومولات ونواد ليلية الخ ، مما سينسف البيئة الطبيعية والاجتماعية والديموغرافية والثقافية للفحيص،
هكذا يكون الدفاع عن هذه الأراضي، في عمقه، دفاعا عن الذات والذاكرة والكرامة، ودفاعا عن الأردن. وهي قضية تستحق الجهد والتضحيات، على أن تُطرَح كقضية عامة، وتحدد هدفها باسترداد الأراضي المنهوبة إلى المجتمع المحلي، لإصلاحها وتحويلها إلى مشروع زراعي انتاجي يقدم مثلا للتنمية الوطنية، على أن يكون لأهالي الفحيص والملاك القدامى فرصة التوسع السكني في مناطق معينة من الأراضي المستعادة. وهذا ليس إلا مثال؛ فالهدف استرداد الأرض واخضاعها لمصلحة المجتمع.
في هذا المنحى ، وعن طريق حملة سياسية واعلامية محلية واقليمية ودولية، يمكن تحقيق الهدف.