مواطنونا الأعزاء من الأصل الفلسطيني الكريم، يتمتعون، في الآن نفسه، بصفتين قانونيتين هما: 1 ـ صفة مواطن كامل المواطنة، وفق القانون الأردني،
2 ـ وصفة لاجيء أو نازح فلسطيني كامل الحقوق في فلسطين، وفق القانون الدولي.
ولطالما جرت منقاشات خاطئة على أرضية التناقض بين هاتين الصفتين؛ فكأن على مواطنينا أن يواجهوا خيارا مؤلما بين خسارة حقوقهم المكتسبة في الأردن، أو خسارة حقوقهم الأصلية في فلسطين.
وأساس هذه المناقشات المضللة يكمن في التسليم لإسرائيل في إنهاء حق العودة، ومنع إقامة الدولة الفلسطينية.
وعلى ذلك، يجد مواطنونا المصرّون ـ عن حق ـ على الاحتفاظ بهويتهم السياسية الأصلية، أنفسهم خارج المعادلة السياسية الأردنية، بينما يجد من تأردن منهم أنه لم يعد له علاقة بفلسطين؛ فيبدو تأردنه نوعا من القبول بالتوطين السياسي.
ينشأ عن ذلك وضع يخلخل الوحدة الوطنية ويثير البلبلة والمشاكل المعقدة، لأننا ما نزال نرفض الاعتراف بالواقع المزدوج : لدينا قسم من شعبنا أردني من دون التباس، وينبغي تمثيله سياسيا من دون إجحاف، ولكنه ، في الوقت نفسه، وباعتراف دولي، يتمتع بحقوق سياسية مغتصبة في فلسطين.
وهكذا، فإن رفض تلبية الحقوق السياسية لمواطنينا من أصل فلسطيني هو إجحاف بحقوق مواطنين كاملي المواطنة، كما أن إنكار حقوقهم في فلسطين هو هدية للكيان الصهيوني.
قبل السلام ( من طرف واحد) مع العدو الإسرائيلي، كانت النخب الحكومية الأردنية واعية لأهمية الاعتراف بالوضع القانوني المزدوج للمواطنين الأردنيين من أصل فلسطيني. وللإنصاف، فإن حكومة الرئيس زيد الرفاعي اقترحت، العام 1987، مشروع نظام انتخابي يحل المشكلة من جذورها، ويحافظ على حق الأردنيين من أصل فلسطيني بالاحتفاظ بالصفتين القانونيتين الواقعيتين : صفة مواطن وصفة لاجيء.
لحظ ذلك النظام الانتخابي إنشاء دائرة انتخابية لكل مخيّم من مخيمات المملكة، على أن يسجل جميع المواطنين من أصل فلسطيني في هذه الدوائر، ويتنافسون داخلها. وهكذا، يحافظون على كامل حقوقهم كمواطنين وكامل حقوقهم كلاجئين، وتنتهي الحساسيات والشكوك والمشكلات، وسيكون من حق ممثلي المواطنين من أصل فلسطيني، الدفاع عن مصالح ناخبيهم بدون حرج، بل كواجب برلماني، كما هو حال نواب البادية.
في كل نظام انتخابي سابق ولاحق، لم يتم التزحزح عن الدوائر الخاصة بأبناء البادية الكرام الذين يقترعون ويترشحون، حصرا، في تلك الدوائر. وهذه سابقة واقعية لتطبيقها بإنشاء الدوائر الانتخابية في المخيمات.
كم سيكون عدد المقاعد في دوائر المخيمات؟ ليكن ما يكون، ولكنه سيحوّل المواطنين من أصل فلسطيني إلى قوة سياسية أردنية صريحة، قادرة على إنهاء الحالة الحساسة القائمة للصراع السياسي الخفي والضار، وصولا إلى حالة جدل سياسي علني ونظيف.
وقبل كل ذلك، وبعده، نكون قد حافظنا على حقوق مواطنينا من أصل فلسطيني لقول كلمتهم في أي مفاوضات أو حلول تتعلق بالقضية الفلسطينية؛ فكتلة نواب المخيمات، ستتوزع في البرلمان الأردني على أساس البرامج السياسية المحلية، ولكنها ستبرز ككتلة موحدة في تمثيل فلسطينيي الأردن، إقليميا ودوليا.
( يعتذر الكاتب عن قبول التعليقات)