منذ العام 1977 وأنا عضوٌ في رابطة الكتّاب الأردنيين. كانت الرابطة،وقتذاك، منظمة ثقافية وطنية، ديموقراطية ومستقلة؛ لعبت دورا سياسيا بارزا، قبل 1989؛ فقد كانت هي المقر الوحيد، تقريبا، للسجال الحر في ظل الأحكام العرفية، وموئلا لنشاط الأحزاب اليسارية، في استقطاب المثقفين، والدعاية لأفكارها، وتنظيم الفعالية السياسية التقدمية على المستوى الوطني.
فقدت الرابطة، أهميّتها السياسية، بعد انكفاء الأحكام العرفية، وتعدد المنابر؛ إلا أنها ظلت تحتفظ، على العموم، بتراثها، وخطها القومي ـ الديموقراطي. وعلى رغم مما شهدته معاركها الانتخابية وممارساتها، من سقطات، فإنها لم تسقط، هي نفسها، في وحل العداء للعروبة والمقاومة والتقدم الاجتماعي، وللثقافة، بوصفها سياقا مضادا للرجعية.
ليس الأمر أن قائمةً فازت بكامل المقاعد ضد قائمة أخرى؛ ولكن حين يتم إخراج شريط تلفزيوني لمصلحة قناة ‘ الجزيرة’، بسيناريو مسبق الصنع، يظهر فيه رئيس الرابطة، المستجدّ، وهو ينزع صور رموز النضال العربي والأممي، بينما يعلن الشريط ‘خسارة مؤيدي بشار الأسد’، تكون الرابطة والثقافة والسياسة، قد وصلت إلى الحضيض.
أنا ـ مع أصدقاء معروفين بأنهم الأكثر تجذرا في الانتصار للدولة الوطنية السورية بقيادة الرئيس بشار الأسد ـ لم نشارك، بالأساس، في انتخابات الرابطة، لا ترشيحا ولا اقتراعا؛ رأيتُ المعركة، بالأساس، غير سياسية، ومحسومة مسبقا لمصلحة الدوحة، في زمن أصبحت فيه أغلبية المثقفين، خدما للبترودولار، يزيّنون ‘ داعش’ و’ النصرة’ و’ جيش الإسلام’ الخ، برداء ‘ ثورة’ مزعومة.
منذ وقت طويل، لم يعد، هناك، ما يهمني في الرابطة، سوى ذكريات النضال، وشراكة الانتماء إلى تراث السبعينيات والثمانينيات، التقدمي. الآن؛ الذكريات والشراكة، سقطتا مع سقوط النخب في مستنقع ‘الجزيرة،’ وعزمي بشارة وشركاه، وهنري ليفي و’ ثواره’؛ باختصار، فإنني آمل أن أفتتح سلسلة استقالات للذين ما زالوا يملكون ضمائرهم، من رابطة الكتّاب الأردنيين.