ناهض حتّر
للتيار الارهابي، محفزات اقتصادية واجتماعية، بالاضافة الى انه رد فعل للتطرف الارهابي الذي تمارسه الولايات المتحدة واسرائيل ضد العرب. الاّ ان الارهاب، يظل ايضا، ظاهرة ثقافية.
لا يمكن عزل تأييد الارهاب ووأده في مجتمعنا، حتى دون اقرار مرجعية ثقافية وطنية تؤكد على شرعية المقاومة ضد الاحتلال الاجنبي، وشرعية المعارضة السياسيّة والاجتماعية ضد سياسات العولمة والامركة والتجارة الحرة وسيطرة البزنس ونظامه الفوضوي الذي يعمل كماكينة ضخمة شيطانية تفرخ اقلية من اصحاب المليارات والملايين واغلبية من الفقراء والمهمشين.
تعريف الارهاب ممكن، مبدئيا واجرائيا. انه كل فعل تقوم به جماعة مسلحة او دولة يستهدف قتل المدنيين لتحقيق اغراض سياسيّة. وفي هذا التحديد الصارم غير الملتبس للارهاب، يمكن تكوين ثقافة مضادة تجاهه على أساس الاجماع على شرعّية العمل المسلح ضد الغزاة والمحتلين واعوانهم. وهذه ليست بدعة، بل هي اطروحة مقررة في القانون الدولي.
في تحديد كهذا، تسقط المنطقة الرمادّية بين الارهاب والمقاومة، وينتهي اللبس حيث تريد السياسات الامريكية والرسمية، عمدا، الخلط بين الارهاب والمقاومة، بهدف ادانة المقاومة المسلحة ضد الاحتلال، بينما يريد الارهابيون، الخلط نفسه، لحماية وتشريع الاعمال الارهابية، بغطاء المقاومة.
بعد الاستطلاع/ ناقوس الخطر/ الذي اجراه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الاردنية، اصبحنا في مواجهة حاسمة مع اختيار استراتيجي على المستوى الوطني: اذا لم نتوصل الى اجماع على شرعية المقاومة، فإن التأييد الشعبي للإرهاب سوف يتزايد.
الملاحظة الثانية تتعلق بالممارسات الرسميّة التي تقف وراءها عناصر غير مسؤولة من اولئك المرتبطين بالمحافظين الجدد في الولايات المتحدة. ومن تلك الممارسات، التجرؤ على مشاعر الاردنيين وكراماتهم «بالاعراس» السياسية التي يقيمها الليبراليون الجدد على ارضنا.
كذلك، الارباح الفاحشة التي حققها مستثمرو «امنية» في غضون عام واحد، مستفزة الى الحدّ الذي يدفع اوساطا اجتماعية عديدة الى النظر بتسامح نحو «الارهاب». ولو كانت هنالك شرعية واضحة للنضال السلمي الديمقراطي ضد نهب البلد. فإننا سنطفىء بؤرة من بؤر تأييد الارهاب.
الملاحظة التالية اعلاميّة. لقد اصبح واضحا ان الادوات الاعلامية الرسميّة لا تحظى بالمصداقية. على العكس، فإن ردة فعل المجتمع الاردني ازاء الحملات الاعلامية الرسمية، تعطي مردودا معاكسا وهذا درس ينبغي التوقف عنده من اجل تجديد الخطاب والادوات. وهو غير ممكن من دون توضيح الرؤية فيما يتصل بتشريع المقاومة وتشريع المعارضة السياسية والاجتماعية. فالقادرون على التأثير في الرأي العام، هم فقط اؤلئك المعبرون عن اتجاهات ديمقراطية ووطنية، ومستقلة، ويحظون، بالتالي، باحترام الرأي العام.
الملاحظة الاخيرة، تتعلق بثقافة الطائفية، فجزء لا يستهان به من تأييد «القاعدة» نابع من كونها منظمة سنية في جو مشحون بالعداء نحو الشيعة على المستويين الرسمي والشعبي.
هذه كلها – وسواها – مسائل مفصلية لم يعد السكوت بصددها ممكنا، وغدت مراجعتها – جذريا – واجبا وطنيا.