ناهض حتّر
* 14 شباط ،2007
وليد جنبلاط هاجم، مرة أخرى، سورية ورئيسها؛
سمير جعجع طالب، مرةً أخرى. بتجريد حزب الله من سلاحه؛
سعد الحريري جدَّد، مرةً أخرى. تمسكه بمعرفة «الحقيقة» في اغتيال والده
كأن الحفل تكرار ل¯ 14 شباط ،2006 ولكن بجماهير متقلصة.
***
المعارضة اللبنانية – اكثر ديناميكية – ولكنها، ايضاً، دخلت في التكرار، وبجماهير متقلصة.
***
جمود ثقيل في موازين القوى، يمنع الحسم، ولكنه لا يقود الى تفاهم؟!
ربما لانه يعكس رهانات المرحلة الأخيرة من المغامرة البوشيّة، حيث يتجاذب فائض القوة الداخلي للمعارضة.. وفائض القوة الدولي والاقليمي – وراء تجمّع 14 شباط – الذي لا يتماسك إلا بالتطرف، وهي مهمة لها مشغلان ذاتيان: جنبلاط وجعجع اللذان سيتآكلان، سياسياً وطائفياً، في أجواء المصالحة.
***
غير ان ذلك «الجمود»، في أساسه، يعود الى الانشقاق السني – الشيعي، والخطر العميق الكامن في تحوّل الصراع السياسي الى اقتتال مذهبي لا يريده «الشيعة» الصاعدون، ولا سنّة لبنان المتأزمون الضائعون، وقد فشلت محاولات تحويل المليشيات الجنبلاطية – القواتية الى مليشيا سنيّة، أهذه هي النهاية بعد فترة الصعود، مع رفيق الحريري، بين ال¯ 90 و 2003؟
سنّة لبنان غير معنيين بشعارات «14 شباط» ومنطلقاتها وتحالفاتها الاقليمية والدولية. ومن الصعب، في النهاية، جرّهم الى قتال، بلا أهداف جوهرية، في الخندق الامريكي – الاسرائيلي. وما يحركهم الآن، هو الحنين الى الحريري الأب، أقصد الى رمزية مرحلته التي انفتحت فيها الآفاق أمام الفئات المتوسطة منهم، فاتسعت، بما تسمح به الديناميكية الليبرالية – الاجتماعية، من صعود الفقراء.
الحنين – من زاوية اخرى- نقرأه في مقال السيد حسن نصرالله في الذكرى الثانية «للشهيد الكبير» يقول نصرالله: «خسرناه جميعاً.. من حالفه .. ومن خالفه» ويستذكر – بمرارة ومودة- لقاءات الحوار- على الخلاف – مع «الرئيس».. الذي كان «يدافع عن وحدة لبنان».
المرارة لأن الحوار الممكن ذاك – مع الوريث- لم تعد ممكنة .. ولو الى حين!
والمودّة لذكرى «الحريرية» .. التي انتهت مع مغامرة جورج بوش الاستعمارية في العراق، وهوسه لاعادة بناء الشرق الاوسط في اطار امبراطورية عاثرة متعثرة .. خارج التاريخ.
حوالي العقد ونصف العقد، أدار الحريري الأب، معادلة معقدة في لبنان، جدلت النفوذ السوري، والايراني، والسعودي، والمقاومة، وتحديث الدولة، والعلاقات المميزة مع الغرب، والبزنس، والرعاية الاجتماعية .. معاً. في عباءة واحدة – وليست وحيدة!-
والى تلك العباءة التي كانت تسمح لحزب الله بالوجود والتنامي والانتصار، من دون الاشتباك- الداخلي والاقليمي والدولي- يحنّ السيد حسن نصرالله الذي يستطيع هزيمة الاسرائيليين، لكنه لا يستطيع «هزيمة» الشقيق اللبناني، ليس، فقط، لانه، منحاز، اخلاقياً ووطنياً ضد الانشقاق المذهبي والحرب الأهلية، بل لانهما الانشقاق والحرب، لا يخدمان الحزب .. ولا الطائفة.
***
غير ان الحنين .. لا يصنع السياسات، هنا او هناك! فالحريرية لم تغب باغتيال الحريري.. بل كان اغتياله تعبيراً عن موتها..
هذه هي «الحقيقة» الجديدة بمعرفة اللبنانيين .. وهذه لا تتم في المحكمة ذات الطابع الدولي – ولكن، في محكمة التاريخ!
***
ما يزال انقاذ لبنان ممكناً؛
اولاً، بهزيمة الامريكيين في العراق وضمان وحدته – وهنا يكون على حزب الله ان يمنح الاولوية للمهام الاقليمية على المحلية.
وثانياً باتفاق الاحزاب اللبنانية الكبرى- «المستقبل» و«التيار العوني» و«حزب الله»- وهو ما يتطلب من آل الحريري – والقيادات السنية – وضع الاعتبارات المحلية والاجتماعية – السياسية، فوق الاعتبارات الاقليمية والدولية.0