ناهض حتّر
قرار الرئيس بشار الاسد، تشكيل لجنة تحقيق قضائية سورية في مقتل رفيق الحريري، خطوة بالاتجاه الصحيح. وكنت قد قدمت هذا الاقتراح في هذا العمود «الثلاثاء الماضي» ولم أكن أتوقع ان تفاعلات فكرية وسياسية تجري، بالفعل، في المستويات القيادية السورية.
وهذا يعني ان المساهمات النقدية في مناقشة الوضع السوري قد لا تكون موضع استياء في دمشق، بل ربما في وضع الترحيب.
هناك، للأسف، نوعان من التعليقات حول الأزمة السورية. النوع الاول هو عبارة عن خطاب متخشب مكرور مدائحي. والنوع الثاني هو خطاب المليشية الاعلامية للاستعمار. الأول يقدم تأييداً غير مشروط للنظام السوري، والثاني يطلب من السوريين، الاستسلام غير المشروط للامبريالية والصهيونية.
غير ان هناك مداخلة ثالثة، تنطلق من الموقع الوطني وتشجع التفكير المفتوح في سورية، وتدعم الرئيس الاسد في قيادته للمعركة الصعبة التي تواجهه داخلياً وخارجياً.
كيان الجمهورية العربية السورية وسيادتها ومصالحها الاستراتيجية، هي الأوليات وما عدا ذلك يأتي في المرتبة الثانية، بما في ذلك الاشخاص القياديون المقربون من الرئىس الأسد، والممسكون بتلابيب السلطة.
ونحن ننصح الرئيس الشاب الذي يثق المواطن العربي بنزاهته ووطنيته، بقلب الطاولة على الضغوط الدولية. وذلك بالاستفادة منها لاقصاء الأقارب والأنسباء والمتنفذين والفاسدين، وتجديد سورية ونظامها الوطني بالوسائل الديمقراطية، وتحديث الاقتصاد السوري من دون الوقوع في فخ الكمبرادورية.
واذا ما كانت «لجنة التحقيق السورية»، مستقلة وفعالة وقادرة على اكتشاف الحقيقة (واتخاذ الاجراءات القضائية بحقّ اي شخص متورط حتى لو كان من عائلة الاسد) فستكون هذه بداية جديدة لاستعادة هيبة الدولة السورية وأطرها الدستورية والقانونية. وياليت دمشق استقبلت «تقرير ميليس» بهكذا لجنة بدلاً من مجادلته. فالدول تأخذ اجراءات ولا تدخل في سجالات.
ما زلنا نأمل الاسراع في اتخاذ خطوات حاسمة وشاملة ولازمة -فوراً- من اجل تعزيز قدرة سورية على المجابهة وفي مقدمتها اطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين من دون استثناء، والسماح بعودة المنفيين، واتاحة حرية العمل السياسي والحزبي من دون قيود، وتحرير الصحافة، وتشريع المعارضة الوطنية، وتنظيف الاقتصاد السوري من شبكات الاحتكار العائلية والأمنية، وضرب الفساد الكبير.
المطلوب في سورية – ولسورية- الان، حكومة وحدة وطنية، برئاسة شخصية وطنية ديمقراطية مستقلة، وتحظى بالالتزام المحلي والعربي والعالمي، من وزن رياض الترك او د. عارف دليلة.
المطلوب.. تغيير جذري في الداخل، من اجل مواجهة ناجعة مع المؤامرة الدولية التي تُطبق على سورية.