منتديات النصر في خطاب الهزيمة

ناهض حتّر
تحت يافطة كتب عليها “خطة من اجل النصر” خطب بوش الصغير-المتداعي نفسيا- في جمهور من الطلاب العسكريين الذين لم يذهبوا بعد الى العراق وما زالوا بالتالي، قادرين على التصفيق للعنتريات الحربية، لكن زملاءهم في الميدان كانوا في الوقت نفسه، يرتجفون، تحت ازيز رصاص المقاومة، او يعبرون عن رعبهم المزمن بقتل الابرياء.

الخطة المفصلة التي اعلنها بوش الصغير «للنصر» قابلها 55 بالمئة من الامريكيين بالازدراء، بينما وجدها 41 منهم معقولة- ربما لانهم رأوا في النهاية، ان ثمة خطة ما، لن تصمد امام هول ما يحدث في العراق.

«الخطاب» دعائي مكتوب من وجهة نظر السجال السياسي الانتخابي الداخلي في الولايات المتحدة وقد رد عليه «الديمقراطيون» فورا بموقف تصعيدي، قائلين انه يرسم «صورة وردية» للفشل، مذكرين بخطاب «النصر» السابق في ايار 2003 وكان تحت يافطة «المهمة انجزت!».

وسط العنتريات البوشية والخزعبلات العقائدية والمقاطع البلهاء تماما في خطاب بوش الصغير، كان هناك نغمة واضحة، انها نغمة الهزيمة التي أراد كاتبوا الخطاب اغراقها بالكلام الكثير حول «النصر» في لغة خشبية-استرضائية للامريكيين- تتحدث للمرة الاولى عن «انجازات» القوات العراقية الجديدة- وهذه مجرد اكاذيب -وتراكم الحديث عن تلك الانجازات سيكون المدخل لتبرير الانسحاب الامريكي لاحقا.

النقلة الجوهرية في خطاب بوش الصغير هي ربط الانسحاب بالقرارات الميدانية للقادة العسكريين وليس بجداول مصطنعة يضعها السياسيون في واشنطن- لكن الجيش الامريكي هو نفسه مصدر الاستنتاج المتسرب الى الكونغرس والصحافة- بضرورة الانسحاب الفوري من العراق حيث «لا يمكن كسب الحرب»! فالاصرار على البقاء ومواصلة الحرب الفاشلة هو القرار المصطنع الذي يلح عليه السياسيون في البيت الابيض لاسباب انتخابية!.

على كل حال، يظهر ان بوش الصغير عاد فعلا او انه يقترب من العودة الى الوقوع في دائرة الادمان الكحولي او ادمان المخدرات. عصابي ومهزوم، يحاول انقاذ ماء وجهه بضعة اسابيع اخرى. فالقرار الاستراتيجي بالانسحاب الشامل من العراق تم اتخاذه فعلا على المستوى العسكري وتعمل الادوات السياسية الامريكية على اتخاذ الترتيبات العاجلة لتأمينه من مطاردة المقاومة وتخفيض نتائجه السياسية السلبية. ومهما يكن، ففي الربط بين «الانسحاب» والقرارات الميدانية» للقادة العسكريين، فتح بوش الصغير الباب امام امكانية اعلان القرار الرئاسي بالانسحاب في اية لحظة.

الجدول الزمني للانسحاب سوف يبقى بالطبع سرا عسكريا- لاسباب امنية- ولكنه موجود. وسيبدأ تطبيقه بعيد الانتخابات العراقية في 25/12 الحالي، وسوف تتسارع وتيرته وفق الاعتبارات الامنية بالدرجة الاولى. وهذه هي الحقيقة الوحيدة في خطاب بوش: سوف ننسحب. لكن من الحكمة ان لا نخبر «الاعداء» بالمواعيد. ولا بد بالطبع من اخراج استراتيجية الخروج، باعتبارها استراتيجية انتصار.

Posted in Uncategorized.