منطقة خطر
معتز السلطي
من نكد الزمان، أننا صرنا مضطرين إلى تأسيس جمعية لمكافحة الصهيونية في بلد -عشنا بين ذراعيه حالمين، دائماً أن يكون كله، بأرضه وناسه وأحزانه وأفراحه وإنجازاته وإخفاقاته، قلعة لمناهضة الصهيونية!
في الأيام الخوالي، كان لنا صديق كبير في هذا العالم، هو الذي ابتدع فكرة “جمعية مناهضة الصهيونية” فكنا نقرأ عن “جمعية مناهضة الصهيونية في الاتحاد السوفياتي” ونمصمص شفاهنا استياءً. فالأصل، كما كنّا نأمل، أن يكون الاتحاد السوفياتي كله، مناهضاً للصهيونية –بحيث لا تكون هنالك ضرورة للتخصيص! وعندما سيطر الصهاينة على الكرملين، عندها فقط، أدركنا كم كان الأصدقاء السوفيات المعادون للصهيونية، واقعيين وأذكياء وشجعان، عندما بادروا في وقت مبكر إلى تأسيس جمعيتهم -التي دفع أعضاؤها الكثير من التضحيات الجسام في النضال ضد حركة صار لها، في زمن الانهيار، نفوذ ومليشيات وصحافة!
وعندما تأسست “جمعية مناهضة الصهيونية والعنصرية” في الأردن، فإن كثيرين رأوا أن تخصيص جمعية لهذه الغاية في بلد عربي إسلامي يقف على أطول خطوط وقف النار مع الصهاينة، هو مفارقة! ولكن تداعيات الأشهر الأخيرة، وبخاصة ابتداء من ١٣ أيلول الماضي، وانهيار المقاومة الرسمية للتطبيع، عربياً واسلامياً، في غضون أسابيع وأيام، جعل أولئك يتحسسون ملامح الزمن الذي يعيشون، ويدركون عمق المأساة الواقعية-التي تتطلب نضالاً واقعياً-ولكن واقعياً بمعنى الإصرار، تحت أي ظرف على المقاومة-مع الأخذ بالاعتبار شروط هذا الظرف وحقائقه.
نعم “لجمعية مناهضة الصهيونية والعنصرية”، أقولها الآن، لا يائساً، ولكن من مواقع الأمل العظيم الذي لا يرهبه الظلام-مع أن كل ما يملكه هو إضاءة شمعة خافتة.