ناهض حتّر
في “منتدى تطوير وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة” المنعقد، الان، في تونس، فرضت السياسات الاجتماعية نفسها، ووجدتني في هذه الندوة المصرفية المتخصصة-في قلب اهتماماتي العامة.
يشكل الفاعلون الاقتصاديون الصغار حوالي 8% من القطاع الخاص في البلدان العربية. ومع ذلك فان سياسات الليبرالية الجديدة والخصخصة وتحرير الاسواق والتشريعات المرافقة، لا تأخذ بالاعتبار هذه الاغلبية من «رجال الاعمال». بالعكس، ان العولمة تفيد مصالحهم بشدة. وبصورة خاصة، فإن السياسات الائتمانية للمصارف والمؤسسات المالية التقليدية، منحازة تماما، لكبار الرأسماليين. وما عدا مؤسسات ناشئة وصغيرة وهامشية، فانه لا توجد اطر تمويلية فاعلة للمشروعات الصغيرة. ولذلك، فانها (اي هذه المشروعات) تواجه عنتا في الحصول على الاموال اللازمة لنشوئها وتطوير اشغالها.
واذا كان المبادرون من الشباب والشابات، لا يجدون وسيلة ديناميكية للاستفادة من المفردات الوطنية، فإن هذه الاخيرة متاحة للمستثمرين الاجانب القادرين على حشد التمويل المحلي ببساطة.
على مستوى التشريعات والانظمة والاجراءات، قررت البلدان العربية-وخصوصا الاردن- سياقا كاملا من التسهيلات والاعفاءات والمحفزات للاستثمار الاجنبي، بينما تخضع المشروعات الصغيرة للعقبات على كل صعيد.
ومحصلة هذا الوضع الاعوج، خطيرة على الاقتصادات الوطنية، سواء لجهة تكوينها المحلي او الاجتماعي الخاص. ففي البلدان النامية، لا بديل عن تنشيط المشاريع الصغيرة والمتوسطة لضمان زيادة الحصة الوطنية في الاستثمار، وضمان تشابك وتعاضد القطاعات الاقتصادية المحلية، ورفع نسب القيمة المضافة في السلة والخدمات وتحسين مستوى وحجم الصادرات، وزيادة نسبة النمو، والتوزيع الاكثر عدلا لمكتسباته.
اقتصار قوة القطاع الخاص على مجموعة صغيرة من كبار الرأسماليين المحليين المتشاركين او التابعين للرأسماليين الاجانب، يؤدي، بالطبع، الى تعزيز الاستبداد وافراغ الاليات الديمقراطية من مضمونها. وبالمقابل، فإن تنشيط المشروعات الصغيرة، وتمويلها وتقديم التسهيلات لها، يكفل اتساع قاعدة المشاركة السياسية وتعزيز الديمقراطية، وتعزيز نهوض الاقتصاد الوطني وتخفيض حدة الفقر والبطالة.