على الملأ ، أعلن القيادي في التيار السلفي الجهادي الأردني، محمد الشلبي ( أبو سياف)، أن ما يزيد على المئة ‘مجاهد’ من تياره يقاتلون في سورية ضمن تنظيم ‘ جبهة نصرة أهل الشام’ المعروفة بتبعيتها للقاعدة. وبذلك، تكون السلفية الجهادية قد تحولت، خلافا للقانون، إلى قوة سياسية مسلحة علنية في الأردن.
هل نشتري، إذاً، بنادق رشاشة وما يلزم من أسلحة لحماية أنفسنا وأسرنا ورفاقنا من المشهد الآتي؟ هل دخلنا عصر المليشيات؟ هل يمكننا، بعد، أن نركن إلى حمى الدولة وحماية القانون، أم علينا أن نأخذ الحيطة والاستعداد ذاتيا؟ فالذين يقاتلون الجيش السوري اليوم، انصياعا لفتوى أيمن الظواهري، سيقاتلون جيشنا ومجتمعنا غدا انصياعا لفتوى مماثلة.
في الاحتفال الذي أقامه السلفيون الجهاديون في معان احتفالا بـ’ استشهاد’ ثلاثة من عناصرهم في سورية، جرى حسب الزميلة ‘ الغد’، عرض فيديو يصوّر العملية الانتحارية التي نفذها حمزة المعاني بتفجير نفسه في حاجز للجيش السوري في درعا، ودعا قيادي قاعدي آخر هو عبد شحادة الطحاوي إلى مواصلة مسيرة الجهاد من أفغانستان إلى العراق ( ضد الشيعة وليس ضد الأمريكيين طبعا) إلى سورية ضد العلويين.
والملاحظ، هنا، أن إسرائيل هي الغائب الدائم عن نشاطات السلفيين الجهاديين. إنهم يعرفون جيدا أين هي ميادين الجهاد المسموح بها؟ ولعل أبو سياف والطحاوي وسواهما من أهل ‘ القاعدة’ في بلدنا، أدرى منا جميعا بأن الجهاد في سورية الآن مسموح به واقعيا من قبل الأجهزة الأمنية الأردنية.
تكوين منظمة مسلحة مناف للقانون الأردني، فما بالك بالإعلان الصريح عنها وعن نشاطاتها الحالية واللاحقة، في مهرجان جماهيري. وما كان أبو سياف والطحاوي ليعلنا عن منظمتهما وارتباطها مع القاعدة، لولا ضوء أخضر حصلا عليه من جهات رسمية. الأرجح أننا لسنا بإزاء شجاعة سلفية جهادية في إظهار النفس، بل بإزاء مظهر للتنسيق مع الجهات الرسمية؛ فأبو سياف لا يتحدث، فقط، عن الماضي وإنما عن الحاضر والمستقبل. ولو كان لديه أدنى قلق أمني على إخوته ‘المجاهدين’ من تصدي الأمن الأردني لهم خلال تجمعهم وتدريباتهم ومن ثم تسللهم إلى سورية، لامتنع عن كشف عمليات التسلل القائمة بالفعل.
الاحتمال الثاني أخطر. فإذا كان لدى منظمة القاعدة في الأردن كل هذه الثقة بالنفس للعمل ‘الجهادي’ العلني، من دون تنسيق مع السلطات نكون عندها أمام أولى علامات انحلال الدولة. وسيكون من حق ـ وواجب ـ كل القوى الوطنية والقومية والتقدمية والعشائرية المدنية أن تتسلح لمواجهة اليوم التالي.
سورية التي هي أقرب من حبل الوريد ليست أفغانستان البعيدة، وتذكرة الجهادية السلفية بالاتجاهين، ذهابا وإيابا. ومَن يجاهد ضد النظام القومي العلماني في سورية، لا شيء يمنعه من الجهاد ضد القوميين والعلمانيين في الأردن، ولاحقا ضد الدولة الأردنية والمجتمع الأردني. وأما أولئك الذين يعتقدون أنهم يسيطرون على حركة الجهاديين، فإن عليهم أن يتعلموا الدرس السوري؛ فطالما كانت المخابرات السورية تنام مع هذا الشيطان نفسه في العقد الماضي.
العرب اليوم