مسمار أول في نعش الوطن البديل

دولة ..غير عضو في الأمم المتحدة؟ نعم. ولكنه اعتراف أممي له طابعان قانوني وسياسي معا، بالدولة الفلسطينية على التراب الوطني الفلسطيني في حدود 4 حزيران 1967. قانونيا، أصبحت الدولة الفلسطينية، محددة الحدود، تحت الاحتلال، احتلال حوصر، سياسيا، حين صوتت ضده 138 دولة حول العالم، بما في ذلك معظم دول أوروبا الغربية؛ بذلك، أصبحت ‘الدولة’ وأراضيها معا، مؤطرتين لدى الشرعية الدولية.
الإنجاز الجوهري الواقعي في هذا الانتصار القانوني والسياسي، يكمن في الآتي: أولا، أنه لم يعد بإمكان أي من السياسيين الفلسطينيين أنفسهم، القبول بتنازلات عن الأرض أو بالدولة ذات الحدود المؤقتة، من دون الاصطدام لا بالشعب الفلسطيني فقط، وإنما، أيضا، بالشرعية الدولية وأصدقاء فلسطين في العالم؛ فأية مفاوضات من الآن وصاعدا، لن تتمتع بأية صدقية إذا لم تنطلق من حدود الدولة ومعناها في القرار الأممي ،ثانيا، أنه لم يعد بالإمكان، المضي قدما في فصل غزة عن الضفة الغربية، إلا من موقع صريح في خدمة المشروع الإسرائيلي، مهما تزيّن ذلك الموقع بشعارات النهر والبحر الخ ثالثا، أن كل الثعابين التي خرجت من جحورها في الأشهر الأخيرة، لإطلاق مبادرات إعادة العلاقة بين الأردن والضفة الغربية والفدرالية والكونفدرالية، ارتدت الآن، وتحولت مبادراتها اللئيمة إلى ثرثرات فارغة،رابعا، أنه أصبح لدى الدولتين، الأردنية والفلسطينية، الإطار القانوني والسياسي الملائم لترتيب العلاقة بينهما في مختلف المجالات، بما في ذلك تنسيق المواقف السياسية وحسم الروابط الدستورية والقانونية مع الضفة، وتنظيم المواطنة والإقامة الخ. وهو تطور، إن حدث، سوف ينتقل بالعلاقة الكفاحية بين الشعبين إلى الالتحام النوعي في خندق المواجهة مع إسرائيل لانتزاع الدولة وحدودها وحق العودة. لكلّ ذلك، كان انجاز الاعتراف ‘ بالدولة’ انتصارا للشعب الأردني وحركته الوطنية، بمقدار ما هو انتصار للشعب الفلسطيني وحركته الوطنية؛ إنه مسمار أول في نعش الوطن البديل. ويمكننا، بالطبع، أن نواصل دق المسامير في هذا النعش، على المستوى الأردني، من خلال إعادة تعريف الموقف من إسرائيل، لا بوصفها طرفا في معاهدة وادي عربه، وإنما بوصفها قوة احتلال تحول دون تحقق الدولة الفلسطينية على أرض فلسطين، وتحول، بالتالي، دون انجاز الصيغة النهائية للدولة الوطنية الأردنية. ويتطلب ذلك إجراءات منها تعليق المادة 8 ( المتعلقة بالنازحين واللاجئين ) من ‘ وادي عربة’ فورا، وتجميد كل أشكال العلاقات والتعاون مع الإسرائيليين، ربطا بسياسات تقوم على رفض أي إطار للمفاوضات لا يقوم على مبدأ الدولة الفلسطينية المستقلة على كامل أراضي ال67 وعودة اللاجئين. أعرف أنه من الصعوبة بمكان أن تتبلور مثل هذه الإجراءات والسياسات، لدى السياسة الأردنية الخارجية المتكلسة المفتقرة الى الخيال والجرأة، لكنها مهمة برسم الحركة الوطنية الأردنية؛ عليها، منذ الآن، أن تتوافق على صيغة سياسية محددة في هذا المجال، وممارسة الضغوط الشعبية والمعنوية، لإقرارها رسميا.التصريحات الأميركية والإسرائيلية تهزأ من الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وتعتبر أن الفلسطينيين الفرحين بذلك الاعتراف، سيصحون في اليوم التالي على لا شيء. وذلك ممكن، بالطبع، إذا لم يبادر الفلسطينيون والأردنيون والعرب إلى بناء مقاربة جديدة للمواجهة المتعددة الأشكال من موقع الإصرار على تحويل الاعتراف الرمزي إلى واقع؛ وعلينا، كوطنيين أردنيين، ألا ننتظر الآخرين، بل نبادر للقيام بواجبنا المقدس نحو فلسطين والأردن .

العرب اليوم

Posted in Uncategorized.