ناهض حتّر
الحفاظ على حياة مروان البرغوثي وسلامته وإطلاقه من غير شروط، مهمة ذات أولوية. وهي ممكنة بتشغيل ماكينة ضخمة من الإرادات الفردية الطيبة الراغبة في نصرة فلسطين ولا تعرف كيف. وأنا أقترح مبادرات شخصية ملحاحة لإغراق البريد الإلكتروني للحكومات، والهيئات والمنظمات الدولية، والشخصيات العامة، بهائل الاحتجاج على اعتقال البرغوثي، والمطالبة بإطلاقه سليماً. وإلى ذلك، يمكن تشكيل لجان محامين، والتوقيع على نداءات ومذكرات والقيام بنشاطات متنوعة في الإطار ذاته.
مروان البرغوثي ليس مجرد قيادي فلسطيني شاب يحظى بالشعبية؛ وليس مجرد “أبرز المطلوبين” من قبل الاحتلال. إنه رمز مركب… لانتفاضة الأقصى، وللمقاومة، وللعمل الميداني. وكذلك، فإن عضويته في المجلس التشريعي الفلسطيني، وفي حركة فتح، يجعلان منه ممثلاً للاتجاه الوطني في السلطة الفلسطينية. فالبرغوثي، بذلك كله… وبوعيه السياسي الصلب والعلماني– يشكل رمزاً للوطنية الفلسطينية الجديدة، تلك التي تعمدت بالنار والدم والبطولة في وقفتها الجبارة ضد العاصفة الشارونية العنصرية الهوجاء.
الدفاع من البرغوثي، إذاً، لا عن شخصه، ولكن عن قضيته. وهو الذي قال في آخر تصريحاته ((إن تطبيق تفاهمات تينيت هو بمثابة إعلان الحرب الأهلية الفلسطينية؛)) في إشارة إلى ما تفرضه تلك “التفاهمات” من اعتقالات واسعة “للمطلوبين”… أي المقاومين؛ عاد المحتلون إلى تنفيذها في إطار حربهم الدموية ضد إرادة المقاومة الفلسطينية وكوادرها ومنظماتها وشبكاتها. وهي حرب لم تنته بعد، لأنها لم تستكمل أهدافها.
وأسوأ ما يخشاه المرء ألا يكون اعتقال البرغوثي ناجماً عن مصادفة أمنية، بل عن مصادفة سياسيّة… فحرب شارون ما تزال محكومة بالفشل والهزيمة، طالما أنها لا تفرض التفاهات الأمنية، وطالما أنها بدون أفق سياسي. وأنا لا أربط بين الأمرين… ولكنني لا أستطيع غض النظر عن المآل الخطر جداً لاجتماع عناصر تشكل صورة قاتمة منها اعتقال البرغوثي وعودة رموز مضادة إلى الظهور في ظل التعاطي مع اللقاءات الأمنية، ومع الاقتراح الشاروني بعقد مؤتمر “دولي”… و”للسلام” بغياب الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وسورية ولبنان… وبحضور الخليج !!
لقد توصل التحالف الأميركي–الإسرائيلي، إذاً، إلى “أفق سياسي” للجريمة الشارونية ضد الشعب الفلسطيني! وينبغي إغلاق هذا “الأفق” الأسود، ومحاصرة تل أبيب بدماء ضحاياها، والدفاع –بكل الوسائل– عن خط المقاومة… وأفقها السياسي الذاهب باتجاه التحرير والدولة المستقلة. ولعل الدفاع عن مروان البرغوثي، الآن، ما يسهم، جدياً، في المعركة الراهنة.