ناهض حتّر
يمكننا ان نسجل هذا اليوم الاربعاء 6/12/،2006 على رزنامة بداية النهاية للاحتلال الامريكي للعراق. فالتوصيات المتوقعة للجنة بيكر – هاملتون، المنتظر اعلانها اليوم، تدعو الى «سحب القوات الامريكية القتالية من العراق بحلول العام 2008» وكذلك الى «عقد مؤتمر اقليمي» حول الازمة السياسية المعقدة في هذا البلد.
ويعني ذلك – واقعياً» «1» سحب كل القوات، فمن غير الممكن، ميدانيا، سحب المقاتلين والابقاء على المستشارين والاداريين «2» تجاوز «العملية السياسية» – التي رعاها الاحتلال وأدت الى انقسام المجتمع العراقي، وصولاً الى الاقتتال الاهلي، وربما الحرب الاهلية – الى عملية سياسية جديدة، باشتراك جميع العراقيين، وبرعاية اقليمية ودولية.
من المفروغ منه ان ادارة بوش – تشيني، سوف تلجأ الى كل السبل .. لعرقلة توصيات بيكر – هاملتون، لكنها، في النهاية، سوف تكون مضطرة للاذعان، ولو خطوة خطوة. فالتطورات العراقية، افلتت فعلا من قبضة واشنطن، بينما سيظل العراق، النقطة الرئيسية على جدول اعمال الانتخابات الرئاسية الامريكية، ما يهدد فرصة الجمهوريين.
على هذه الخلفية، تعهد عبد العزيز الحكيم، الاقوى في «الائتلاف الشيعي»، امام الرئيس الامريكي، بوضع ثقله السياسي والمليشياوي، وتأمين الدعم الايراني، لتفعيل الحكومة العراقية وتعزيز قدراتها الامنية، والسيطرة على العنف وكبح المقاومة.. لكنه طلب، مقابل ذلك، الابقاء على القوات الامريكية في العراق. وهو ما يمثل اعترافاً صريحا من «الائتلاف الشيعي» وحلفائه الاكراد، بعدم قدرة الهيئات السياسية والامنية الحالية على الاستمرار من دون الدعم العسكري الامريكي.
الحكيم – المصرّ على استبعاد القوى العراقية الاخرى والاطراف الاقليمية والدولية من البحث في مستقبل العراق – ليس لديه، اذن، سوى طلب المزيد من الوقت لتجديد المأساة العراقية.
بالمقابل، بدأت القوى العراقية المعارضة والمقصاة، من مختلف الطوائف والاثنيات العراقية، حراكاً سياسياً جديداً يهدف الى بناء تحالفات وطنية، يمكنها ان تقدم نفسها كبديل لاعادة تأسيس الدولة العراقية.
لم تتضح، بعد، صورة هذه التحالفات – التي تتجاذبها اطراف اقليمية متعارضة – ولكنها، كلها، تسير بالاتجاه المضاد لبقاء الاحتلال والعملية السياسية القائمة المرتبطة به، وتفضيل اللجوء الى مؤتمر دولي حول العراق، للتوصل الى صيغة جديدة، لانقاذ البلد الجريح.
وبغض النظر عن التناقضات بين قوى المعارضة الوطنية العراقية الناشئة. فان ما يلفت النظر ان نطاقها يتسع بصورة مضطردة، وانها تكسب شخصيات كبيرة – كانت مغيبة – مثل آية الله العظمى فاضل المالكي، بينما يخسر التحالف الحكومي قوى مؤثرة مثل التيار الصدري، وربما كل القوى السنية التي كانت قد اندرجت في العملية السياسية الامريكية – ماعدا الاخوان المسلمين -.
وهكذا – احسب ان الوقت قد حان من اجل بلورة دور ايجابي للاردن في العراق الآتي. وما يسمح بالتفكير بهذا الدور «1» ان عمان تحتفظ ب¯، ويمكنها تطوير علاقات مميزة مع قوى عديدة داخل المعارضة الناشئة «2» ان سورية وايران افترقتا في العراق، بل لعلهما بدأتا خوض صراع حول مستقبل البلد ويمكن لعمان ان تتفاهم مع دمشق، الآن، حول «مبادر عربية» لانقاذ الجار الشقيق من براثن النفوذ الايراني! «3» ان الصراع السياسي الدائر داخل الولايات المتحدة حول العراق، يمنح عمان فرصة ذهبية لفك ارتباطها بسياسات بوش العراقية، وتبني وجهة نظر خاصة، ينبغي الا يهبط سقفها عن توصيات بيكر – هاملتون!.