مراجعة شخصية

العرب اليومناهض حتّر
ما الذي حققه الاردن في مجال الاصلاح السياسي؟ سؤال مطروح عليّ لإعداد تقرير بحثي محايد. وسأحاول بالطبع تقديم اجابة محايدة. لكنني حين انطر الى الـ 17 عاماً الماضية من محاولات الاصلاح السياسي في بلدنا، أشعر بالأسى. ذلك أنني لم أكن مجرد مراقب طوال هذه السنوات. بل كان الاصلاح هو مشروعي الشخصي، ومحور حياتي والتزاماتي. ولذلك، فـان الحصيلة المتواضعة التي فزنا بها من الإصلاح، تجعلني أتحسر على الآمال والأوهام والاجتماعات والنقاشات والكتابات والمحاولات والسهر حتى الفجر والصدامات والمطاردة بين المحافظات والخصومات والخلافات وبحّ الحناجر والتدخين القاتل. عداك، بالطبع عن إهمال الحياة العاطفية وجماليات الأيام الحلوة والاستعلاء عن «الصغائر» اليومية… وبالطبع، لن اتحدث عن الأثمان الباهظة والعادية التي يدفعها مواطن أردني يلح على اتخاذ المواقف.
ثم ماذا؛ علينا، الآن، وقد اقتربنا من الخمسين ان نبدأ من جديد! من المربع الأول! علينا ان نصوغ الفكرة ونكتبها! وننظم الاجتماعات، وندعو اليها… ونتظاهر عندما يلزم، ونتصدى للمواقف… مستعدين لدفع الأثمان من جديد!
لستُ بائساً ابداً ولا نادماً. ولا «بطلاً» بالطبع. لكنني حزين… لان الحركة الوطنية الديمقراطية في بلدنا، لم تحقق انجازاً واحداً يكافئ الجهود الجبارة التي بذلها المئات من الأردنيين، خلال العقدين الماضيين.
ومأساة «الديمقراطية الأردنية» هي مأساة موضوعية لا تتعلـق، فقط، بالعامل الذاتي للديمقراطيين وجمهورهم. فالتعارض الناشئ بين التحولات الاقتصادية -الاجتماعية المدارة لمصلحة الأقلية من وكلاء المصالح الأجنبية وكبار الرأسماليين والمتنفذين، تحتاج الى نبذ وتفكيك الديمقراطية التي تمنح الأغلبية، القدرة على التدخل لحماية مصالحها. وبما ان «الدولة»-هي الإطار التنظيمي للجماهير الأردنية فان هذه الجماهير، وجدت نفسها ضائعة واخذت بالارتداد الى الأطر الاجتماعية -السياسية لما قبل الدولة (العشائر والتحالفات القبلية) وكذلك الى الحركات الدينية التي تقدم بديلاً متطابقاً مع عقلية ما قبل الدولة.
الديمقراطيون يتحملون، بالطبع، حصتهم من المسؤولية، فهم وقفوا عاجزين عن تقديم برنامج سياسي -تنظيمي مطابق للاحتياجات الوطنية (مسألة الهوية وتجديد الدولة) والاجتماعية (إعادة توزيع الثروة) بالإضافة الى انهم ظلوا، معظم الوقت، أسرى حلقاتهم، مشلولين عن التعامل مع جماهير(هم).
هي لحظة أسى.. ومراجعة، أملاها سؤال بحثي يفرضه عليّ استبصار التطورات خلال 17 عاماً منذ نيسان 89 وحتى الآن. وانا اقـوم بهذا الاستبصار بـ «موضوعيّة» ولكن بقلب يحترق…
***
.. فأنا لا انظرُ من ثقب البابِ..
الى وطني
لكن من قلبٍ مثقوب
قالها يوسف الصائغ ذات مرة، وعلّق فجيعتها على بوابة الأيام.
***
أنا ممتن للحياة بالطبع لأنني لم أضيع سنواتي في البحث عن المال او المنصب، في لهب العشـق… بحثاً عن قلب الاردن، وأملاً في تجديد شبابه. وربما انني لم أعد أحتمل الحب العنيف، لكنني أريد ان أواصل قصة الحب هذه – بكل قسوتها وجمالهـا- حتى الثرى.

Posted in Uncategorized.