ناهض حتّر
حين يخسر جيش الاحتلال الامريكي، عشرة قتلى واحد عشر جريحاً في يوم واحد في العراق، فهي من الامور الاعتيادية المتكررة، لكن حينما تسقط هذه الخسائر في ضربة واحدة وفي منطقة حرثها المحتلون، عدة مرات، تدميرا وقتلاً وتشريداً، وقصفوها بالقنابل الكيماوية – هي «الفلوجة» البطلة – وليس في اسقاط طائرة او هجمة صاروخية على معسكر.. بل في كمين واحد بمتفجرة «محلية الصنع»! هنا، نستنتج ان هناك خللا عملياتياً فاضحاً في اداء العسكر الامريكيين في العراق. فهذا لا يحدث حتى مع الهواة او فرق الكشافة.
وقد تكون رواية الجيش الامريكي كاذبة فربما يكون هذا العدد الكبير من القتلى والجرحى – بالنسبة الى دورية خارج المعركة – ناجماً عن اشتباك بالاسلحة الرشاشة تلي الانفجار. ايريد الامريكيون طمس حقيقة وجود مقاتلين في الفلوجة المعلنة منطقة تحت السيطرة؟ ان ذلك لا يغير الاستنتاج: لقد مرغت المقاومة العراقية، العسكرتاريا الامريكية في الوحل.
عدد الجنود الامريكيين في العراق اقل من ثلث العدد المطلوب لمجابهة المقاومين هذا ما يجعل منهم «الجنود» رهائن في بلد الاسود. ولكن الاهم ان الجندي الامريكي «المدرب جيداً والمسلح حتى الاسنان والمحصن والمدعوم بالآليات والطائرات» ينقصه شيء اساسي. هو شعوره المحض بانه يقاتل من دون قضية وانه قد يموت بنسبة 1:1 في الوقت الضائع قبل الهروب الحتمي. وهو ما يجعله خرقة آدمية مذعورة «وفي الوقت نفسه، اجرامية».
القدرات القتالية للمقاومة العراقية – وخبراتها الفنية – وشجاعة رجالها، هي موضع احترام من قبل الاعداء قبل الاصدقاء، لكن هزيمة الاستعمار الامريكي حدثت – وتحدث – لان هذا المشروع الامبراطوري المأزوم، يسير عكس التاريخ، فالاحتلال في مطلع القرن الحادي والعشرين، هو كاريكاتور يدعو الى الضحك، رغم انه يرش بالدماء.
الهزيمة الامريكية حدثت – وتحدث – اولاً، على المستوى الاخلاقي. العدوان الامريكي على العراق بدأ بجملة اكاذيب، انكشفت، بعيد الحرب، سريعاً، بينما تكفلت عمليات القتل الجماعي والمعتقلات الرهيبة وفضائح التعذيب من «ابو غريب» الى «الجادرية» بتحطيم كذبة «الديمقراطية» التي اصبحت مرادفا» للفساد واللصوصية والاجرام.. ورشوة الصحافة العراقية الجديدة «الحرة» لكي تشيد بجهود المحتلين! ماذا يبقى؟ الدمار، الفوضى، الطائفية، التواطؤ الميداني مع العصابات والميليشيات الاتية من وراء الحدود؟!
الولايات المتحدة سقطت اخلاقياً. وهذا ما يشعر به الجندي الامريكي حتى النخاع، بينما ينتظر الموت.. بلا معنى.. بمتفجرة «محلية الصنع»!