أعلن »تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين«, استراتيجيته القائمة على الآتي:»1« توحيد الجماعات الجهادية تحت »راية واحدة« هي راية »دولة العراق الاسلامية« التي تقودها »القاعدة«.
»2« استمرار الصراع ضد »الشيعة الروافض«, لالحاقهم, سلماً أو حرباً, »بأهل السنّة والجماعة«.
»3« »اقامة اول حكومة اسلامية تحكم بشرع الله تعالى في المنطقة منذ سقوط الخلافة العثمانية«.وتحقيق هذه الاهداف المتسلسلة, يتطلب, حسب »القاعدة«, اجلاء »الصليبيين« »والصفويين« عن أرض العراق. وهذا غير صحيح اطلاقاً, ذلك ان تلك الاهداف الثلاثة ممكنة, بالفعل, تحت الاحتلالين الامريكي والايراني, واكثر من ذلك فان نجاح »القاعدة« في انجازها, يساهم مباشرة, في تمكين هذين الاحتلالين من البقاء. كيف؟.
الحرب ضد منظمات المقاومة »السنية« – لإخضاعها لإمرة »القاعدة« – سوف تستنزف قوى الجهاد, وقد تضطر المقاومين – تحت الضغط – الى التفاهم مع الاحتلال الامريكي – وحكومته.
ليست قوة المقاومة العراقية في قدرة نيرانها فقط, ولكن بالأساس, في الحاضنة الاجتماعية المحلية للمقاتلين, وفي الشرعية الوطنية لسلاحهم.
ومن الواضح ان سيطرة »القاعدة« – بتوجهاتها التكفيرية والمذهبية – على منظمات المقاومة. سيقود الاخيرة الى خسارة الحاضنة العشائرية الصلبة, والشرعيّة, ويحولها الى مليشيات مذهبيّة.
أكثر من نصف العراقيين هم من الشيعة. وشن القتال ضدهم – باعتبارهم »روافض« و »خونة« – لا يعني سوى الآتي:
»1« اطلاق وادامة الحرب الأهلية في العراق الى ما لا نهاية »2« أو ابادة الشيعة – وهذان الاحتمالان الاجراميان غير واقعيين – »3« او دفع المناطق الجنوبية والوسطى من العراق الى الانفصال واقامة دويلة شيعية تلتحق بايران مثل ما كان يريد الخميني.
يفخر بيان »القاعدة« – علناً – بأنه استطاع احياء »الجهاد ضد الروافض« في العراق وفي المنطقة. ويلاحظ البيان, بسرور, انتشار العداء للشيعة في البلدان العربية, ويأمل بـ »مفاصلة« تحسم الموقف نهائىاً, أي انه يأمل بتعميم الحرب المذهبية عربياً واسلامياً. وهذا هو, بالذات, ما يريده التحالف الأمريكي – الصهيوني.
علينا ان نتصور, بعد ذلك كلّه, أية مذابح تعدها» القاعدة« للعلمانيين والمسيحيين والصابئة واليزيديين في العراق, بل ان موقع »البديل العراقي« أورد منذ يومين, خبراً مفاده ان انصار »القاعدة« خيّروا المسيحيين العراقيين بين ثلاثة: الاسلام او الهجرة او القتل!
ولهذا التصعيد مخاطر جسيمة لاحداث انشقاقات جديدة في الجسم العربي, وخصوصاً في مصر, حيث لا يوجد شيعة ولكن توجد كتلة مسيحية كبيرة. وتطال هذه المخاطر ايضاً, بلاد الشام, وتؤذن بتوليد صراعات طائفية او دفع العرب المسيحيين الى الهجرة الكثيفة, كما حدث في فلسطين حيث تكاد المسيحية ان تختفي.
في العراق, ومن العراق, انتقلت استراتيجية »القاعدة« من محاربة »الاستكبار« العالمي بالوسائل الارهابيّة الى اغراق المشرق العربي في حروب أهلية متداخلة وكارثية, على اسس تكفيرية – ضد السنّة – ومذهبية – ضد الشيعة – وطائفية – ضد المسيحيين وسواهم –
والمؤسف ان قسماً كبيراً من المثقفين الوطنيين العرب, لا يزال يصمت عن نهج »القاعدة« وجرائمها ومخاطر استراتيجيتها على مستقبل الامة العربيّة في حين تلحّ الحاجة الى صحوة فكرية وثقافية شاملة ضد الأسسس الايديولوجية »للقاعدة« وعزلها سياسياً, واستئصال ورمها الخبيث. وهناك مثقفون يتواطأون مع »القاعدة« – خوفاً – أو لأنها تدغدغ مشاعرهم المذهبيّة أو الطائفية, بل ان هناك عدداً لا بأس به من »اليساريين« و »القوميين« المخابيل, الذين يؤيدون »القاعدة«, صراحة, بحجة انها تقاتل ضد الامبريالية! وليس هناك ما يدعو الى العجب من قيام منابر اعلامية كبرى – ذات صلات معروفة – بالترويج لهؤلاء المخابيل.