ناهض حتّر
400 اسير فلسطيني و23 لبنانيا وخمسة سوريين وثلاثة مغاربة وثلاثة سودانيين وليبي واحد… هؤلاء هم الابطال الذين تمكن حزب الله «لبنان» من استخلاصهم من براثن السجون الصهيونية، ليس لأن له دوراً اقليمياً! او مفاوضين اذكياء! أو معاهدة سلام مع اسرائيل! او لانه مستعد لاستقبال وزير الخارجية شارون بالاحضان… بل لانه يملك 4 اسرى اسرائيليين! فمع تل ابيب لا يفل الحديد الا الحديد!
انه -بكل المعايير-انجاز كبير لحزب الله، خصوصاً وان هذه الصفقة التي ارغم عليها الحزب، حكومة اليمين الاسرائيلي تضمنت اغلاق ملفات اخرى، ابرزها تسليم خرائط الالغام الاسرائيلية في جنوب لبنان… فهذه الالغام ما فتئت تقتل الفلاحين اللبنانيين او تسبب لهم العاهات المستديمة او تمنعهم من الافادة من اراض واسعة.
ومن الناحية السياسية فان تسليم هذه الخرائط يعني التسليم بان اسرائيل لا تفكر بالعودة الى احتلال المناطق التى احتلتها، عنوة، في الجنوب اللبناني… ما يجعل تهديدات تل ابيب، ازاء لبنان مجرد عنجهية، وعمليات قصف جوي انتقامية، قد تقتل الأبرياء، ولكنها لا تغير الوقائع السياسية على الارض.
وعلينا ان نلاحظ، هنا، ان نجاح الصفقة المهمة بين حزب الله واسرائيل، لم يمنع مقاتلي الحزب من التصدي لجرافة اسرائيلية حاولت اختراق الحدود اللبنانية، بضعة امتار… فدمروها وقتلوا سائقها واصابوا آخر. وهذا يعنى ان «الصفقة»… ليس لها أي ظلال سياسية ولا تعني، مطلقاً، حصول أي تغيير في موقف حزب الله، واصراره على التصدي القتالي للاعتداءات الإسرائيلية، وعلى ربط السلام اللبناني-الاسرائيلي بالانسحاب من مزارع شبعا المحتلة، وعودة اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان… وبطبيعة الحال تحقيق السلام المطلوب على المسار السوري.
ان سياسات حزب الله، الوطنية والواقعية-البرجماتية في آن معاً، تمثل نهجا سياسيا ينبغي استلهامه على كل الجبهات مع اسرائيل، فقد اثبت هذا النهج -ويثبت -انه الاكثر فعالية.
يبقى ان نشير آسفين -الى ان الصفقة الناجحة التي اجبر حزب الله، المجرم شارون، على ابرامها لا تشمل الاسرى الاردنيين –كما كان حزب الله يريد بالفعل -وكان ذلك نتيجة تدخل الخارجية الاردنية التي قررت فصل قضية الاسرى الاردنيين لدى اسرائيل عن المفاوضات اللبنانية -الاسرائيلية بشأن الاسرى العرب.
ان جهود الخارجية الاردنية لم تثمر-حتى الآن -سوى عن قيام اسرائيل بالافراج عن بضعة معتقلين غير سياسيين، كما انها استغلت الجهود الاردنية لابعاد اسيرة «اردنية من اصل فلسطيني» كانت قد رفضت المساومة سابقاً بالافراج عنها مقابل ابعادها، مفضلة البقاء مع اسرتها في الضفة الغربية. وهذا انموذج فقط من الالاعيب الاسرائيلية التي تجرؤ تل ابيب على تمريرها علينا… بخلاف التعامل الجدي الذي تبرم فيه صفقاتها مع حزب الله.
نريد ان ننبه الحكومة الاردنية الى ان الصفقة اللبنانية -الاسرائيلية تشكل احراجاً سياسياً كبيراً لعمان، ما يتطلب التحرك الفوري عن جميع الاسرى الاردنيين في السجون الاسرائيلية، على ان يشتمل أي اتفاق بهذا الشأن على حرية الاسرى الاردنيين من اصل فلسطيني، البقاء في الضفة الغربية، اذا ارادوا ذلك.
ان ما لدينا من امكانات الضغط على اسرائيل، اكبر مما لدى حزب الله… ولكننا لا تستخدم امكاناتنا، ونفضل، ويا للأسف، التعامل مع اسرائيل وكأنها سويسرا! كلا: العصابة الصهيوينة لا تفهم –ولا تتعامل -مع الاساليب المتحضرة هل يمكن -مثلاً استدعاء السفير الاسرائيلي بعمان، وابلاغه بمغادرة البلاد وعدم العودة الا بصحبة الاسرى الاردنيين؟! هذا ما يجب ان نفعله قبل الخميس القادم. وهو الموعد المعلن لتنفيذ الصفقة اللبنانية الاسرائيلية. فاذا لم نفعل، فان القضية لن تعود قضية الاسرى الاردنيين لدى اسرائيل بل قضية الوزن الاقليمي للأردن.