ما الذي حدث في نقابة المعلمين ?

ليست المشكلة في حصول ‘ الإخوان’ على أغلبية لم يتضح بعد حجمها في قيادة نقابة المعلمين, إنما المشكلة في أن هذه الأغلبية لا تعكس الروح النضالية لحركة المعلمين كما عرفناها في السنتين الماضيتين. صحيح أننا عرفنا مناضلين إخوانيين معدودين في تلك الحركة, غير أن معظم الجسم القيادي والانتخابي الفائز, هو من النوع الامتثالي بدليل ضعف مشاركته في الفعاليات النضالية لحركة المعلمين. وبالمحصلة, لم تعد النقابة تمثّل تلك الحركة التي ألهمت قطاع التعليم والحراك الشعبي والبلد كله.
لن تكون النقابة قادرة كما كانت حركة المعلمين قادرة على خوض معارك كبرى, لسبب بسيط هو الافتقار إلى الإجماع وتقييد المبادرة والتناقض بين الشرعية المنبثقة من العملية الانتخابية مع الكتلة النضالية المقصاة. اذكر, مثلا, أن ‘لجنة عمان الحرّة’ التي كانت مسؤولة عن 80 بالمئة من تحركات العاصمة في حراك المعلمين, خسرت, في الانتخابات, شرعيتها القيادية, بينما خسرت النقابة, القدرة النضالية للّجنة المبعدة. ومثال آخر: معلمات ومعلمو الكرك, ممن كان تضامنهم الشجاع مركزا اساسيا لنضال المعلمين, فقدوا, اليوم, وحدتهم, وتفرقوا إلى قائمتين, خضراء وبيضاء ( مصطنعة) سينهك شقاقهما فرع النقابة الكركي.

نكرّر, إذاً, أن المشكلة الجوهرية لنتائج انتخابات نقابة المعلمين هي أن تلك النتائج لا تعكس واقع حركة المعلمين من جهة, بينما أدت إلى انشقاق في صفوف وحدة تلك الحركة من جهة أخرى. وهو ما يعني أننا حصلنا, في النهاية, على نقابة ستلتحق بسواها من النقابات المهنية, من حيث جمودها وانشقاقها الداخلي وانفصالها عن الحيوية السياسية للقطاع الذي تمثله.

لمَ حدث ذلك?

أولا, بسبب النظام الانتخابي الأكثري أو الأغلبي الذي يمكّن الأقلية المنظمة المموّلة من الفوز السهل, ويقصي الأغلبية التعددية الفعلية عن التمثيل بما يناسب حجمها. ومثال العاصمة اصبح معروفا. فالقائمتان المدنيتان في عمان حصلتا على 11000صوت وخسرتا لصالح القائمة الإخوانية التي حصلت على 9000 صوت. ولو كان النظام الانتخابي نسبيا, لكان تمثيل العاصمة متوازنا.

ثانيا, بسبب تفكك اللجنة الوطنية لحركة المعلمين, عشية الانتخابات, مما سمح باختراقها إخوانيا, واستخدام شعبيتها, كغطاء, لصالح القوائم الإخوانية الصرف. والمُلام في ذلك ليس شخصا بعينه, إنما نهج البراجماتية والمساومة والفردية وتقديس الأشخاص مما يتيح لهذا القيادي أو ذاك, التحكّم بالدفّة.

ثالثا, بسبب التبعثر المعتاد في صفوف القوى الوطنية والديمقراطية والمدنية. وهو تبعثر ناجم عن اضطراب البرنامج السياسي الديمقراطي.

رابعا, بسبب ضعف الموارد والخبرة في صفوف العديد من القوائم الوطنية والديمقراطية مقابل تكدّس الموارد والخبرة لدى ‘الإخوان’.

خامسا, بسبب إحجام قيادات وطنية عن تقديم الدعم ولو بالحد الأدنى للقوائم والمرشحين من التيارات الوطنية والديموقراطية.

لدينا, للأسف, العناصر نفسها(1) النظام الانتخابي الأكثري, (2) انتهازية الأحزاب القومية واليسارية, المعتادة على اللعب مع ‘ الإخوان’ بدلا من الإنخراط مع القوى الوطنية والديمقراطية في جبهة موحدة, (3) تبعثر التيارات المدنية (4) ضعف مواردها (5) وإحجام القيادات الوازنة عن دعمها… ما سيجعل مشهد نقابة المعلمين نموذجا للانتخابات النيابية المقبلة.

العرب اليوم

Posted in Uncategorized.