ناهض حتّر
مظاهرات شعبية جبارة ومواجهات مع الشرطة وجرحى ومعتقلون في “ماردل بلاتا” في الارجنتين. غضب جماهيري حقيقي على مشاركة بوش الصغير في “قمة الامريكيتين” حيث تسعى الولايات المتحدة وحلفاؤها الى “اتفاقية تجارة حرة” مجحفة نهاية لامريكا اللاتينية المفقرة المناضلة.
رئىس فانزويلا، شافيز “المطلوب رأسه من واشنطن” ترك مقاعد الرؤساء في القمة، وانضم الى الجماهير، متوعداً بـ “هزيمة الامبريالية الامريكية” و”دفن اتفاقية التجارة الحرة” اللصوصية. لكن، هناك، في الميدان كانت القلوب والعقول تتعاضد مع نجم الكرة الارجنتيني الاشهر، دييغو مارادونا المناضل والمحرض والقائد الميداني.
لعب مارادونا دوراً دعائىاً وتنظيمياً قيادياً ومثابرا، لاطلاق مظاهرات «ماردل بلاتا» وانجاحها، فأعطى، بذلك، انموذجاً جديداً للنجم الذي يوظف شهرته وشعبيته ومصداقيته في خدمة شعبه، وانتصاراً للعمال والمزارعين والمثقفين والفقراء والمهمشين والمقهورين في مواجهة الامبريالية الامريكية.
لا ننسى بالطبع، البعد الرمزي لنضالية مارادونا، التي تتجاوز الحدث والارجنتين وامريكا اللاتينية الى العالم كله. فرمزية مارادونا تشد ملايين محبي كرة القدم في القارات الخمس، وتحشدهم ثقافياً، في الخط الفكري المعادي للامبريالية الامريكية والرأسمالية المتوحشة وسياسات المحافظين الجدد العدوانية التي تريد فرض السوق الحرة المعولمة بالمدافع والصواريخ والاحتلال.
لقد تحول العداء للولايات المتحدة الامريكية الى ايديولوجية قائمة بذاتها تتجذر في كل بقاع الارض. انها دين العصر، الذي يجلب الارواح في كل المشارب للقتال ضد امبراطورية الشر.
من قال، اذن، ان التاريخ انتهى على اقدام وحشية الليبرالية الجديدة؟ البشرية تقاوم، والحرب مفتوحة على كل المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، من اجل عالم متعدد الاقطاب، تسوده العدالة والمساواة والاخاء، عالم بلا جوع ولا تهميش، يعلو فيه الحق في الطعام والماء النقي والدواء والتعليم والعمل على مصالح الشركات و الرأسمالية، عالم ينشغل فيه الشباب بالحب والفن والرياضة .. لا بالحرب.
الحلم ما يزال ممكناً، وما يزال يشحذ الهمم والتضحيات، لكنه مرهون اولاً، مثلما يقول سمير امين – بهزيمة المغامرة العسكرية الامريكية في العراق.
سوف اختم اذن، بتحية الضمير للبنادق التي تتصدى، في هذه اللحظات، للعدوان الامريكي المجرم في «القائم» على الحدود العراقية – السورية!.