حقا أنه مجرد أنموذج : أعني أنني لا اقصد ‘مؤسسة المواصفات والمقاييس’، على وجه التعيين. ولكن ما حدث أن ملفا بجملة وثائق حط على مكتبي من داخلها ، أظهر حالة من الفوضى ربما تكون حالة منتشرة في المؤسسات العامة ـ شبه المستقلة ـ التي ينتابها شعور بأنها خارج الأطر الحكومية . فالتركيز على أولوية القطاع الخاص ـ و خصوصا الأجنبي ـ وتداخل الصلاحيات والمرجعيات ، والتخفف من القيود ‘ البيروقراطية ‘ والمسئوليات القانونية ، كل ذلك ينيخ على تلك المؤسسات التي تتراوح أعمالها بين النجاح والفشل ، لا تبعا لقواعد مؤسسية ونظام عام ، وإنما تبعا لاتجاهات صاحب القرار فيها.
وأهمية ‘ مؤسسة المواصفات والمقاييس ‘ أنها الجهة المعنية بضبط دقة وجودة كل الأنشطة الاقتصادية ، بل صمام الأمان لضمان المنتجات الصناعية والبناء والتجارة والأبعاد القانونية المتعلقة بقطاع الأعمال.
ومن المدهش أن يكون المسئول عن ‘ المترولوجيا ‘ في i المؤسسة في حالة غياب طويلة ، بينما مدير الدائرة القانونية فيها ، مجاز لمدة عام كامل ، ثم لا يكون في المؤسسة موظف معتمد ذو خبرة بتكنولوجيا المعلومات، بحيث تقوم المؤسسة بالتعاقد مع ‘ خبير’ محلي غير متفرغ بعقد قيمته عشرون الف دينار.
وأنا لا أوجه ، هنا ، اتهامات من أي نوع . ولكن ما يهمني هو جودة الخدمة التي تقدمها المؤسسة للمواطنين ، ومسئوليتها في الحفاظ على حياة المواطنين وأمنهم وحقوقهم . فقد توقفت أمام التصريح بنسبة شوائب تصل إلى 50 بالمائة في مواصفة مياه الشرب المعبأة ، والسماح لأحد المصانع بتدني شروط الأمان في أفران الغاز ، بل وعدم وجود تقارير رقابية محكمة على هذين المنتجين أو سواهما.
مر ة أخرى أنا لست في وارد الشكوك ، ولكنني أقف ملجوما إزاء درجة الفوضى في مؤسسة هدف وجودها تعميم الانضباط .
اكتب هذه الإشارات محتفظا بالتفاصيل وهي لدي بالوثائق ، وأنا أخشى أن يكون الحل الرسمي المعتاد ، جاهزا : أعني حل مشكلة الهدر والفوضى بالمزيد من الهدر عبر توقيع عقد يستنزف المزيد من الخزينة العامة ، مع شركة أجنبية للقيام بمهمات ‘ مؤسسة المواصفات والمقاييس ‘ .
إذا كان لدى المؤسسة ما ترد به ، فغنني انتظر ، على الأفل لكي تدحض الشائعة التي تقول أن المستشار الاعلامي للمؤسسة المعين بعقد كبير له وجود فعلا ، وأنه يمارس عملا ما.