ناهض حتّر
بمزيج من الاستغباء والوقاحة، يلاحظ الناطق باسم الخارجية الامريكية، شون ماكروماك، وجود «درجة عالية من الاستياء بين الفلسطينيين بسبب فشل حماس في تحقيق وعودها».
فما هي وعود حماس؟
(1) رفض الاعتراف باسرائيل واستمرار المقاومة.
(2) تحسين الادارة ووقف الفساد ومحاسبة الفاسدين.
ما تزال حماس – من موقع الحكومة – ترفض الاعتراف بالكيان الاسرائيلي. وكل وطني فلسطيني او عربي، سوف يقدر لها ذلك، فاعتراف الضحية بالجلاد، هو، بالمنطق التفاوضي ذاته، ورقة ثمينة جدا، سبق لفتح ان فرطت بها في لحظة، واضعفت، بذلك، الموقف الفلسطيني، وسمحت للاسرائيليين بالحصول على مكاسب سياسية، على المستويين العربي والدولي، من دون نتيجة. بل تحولت القضية الفلسطينية الى قضية امنية اسرائيلية. وبالعودة الى مأساة أوسلو ،1993 نذكر ان م،ت،ف اعترفت باسرائيل، لكن الاخيرة لم تعترف بحدود الـ ،67 ولكن بحق م. ت. ف في تمثيل الشعب الفلسطيني في عملية سلام، ما تزال تتعثر منذ ذلك التاريخ، وستظل اطارا لتشريع الاحتلال والاستيطان والتوسعية والعدوان اليومي على المدنيين الفلسطينيين، حصارا واعتقالات وقتلا ..
وما تزال حماس – على الاقل من الناحية السياسية وفي صف المقاومة، وتؤيد استمرارها، المشكلة، هنا، انها لا تأخذ هذا الخيار بالجدية الكافية.
لم تستطع حماس تنفيذ وعودها في تحسين الادارة ومستوى المعيشة، بسبب الحصار السياسي والمالي المفروض عليها من قبل التحالف الامريكي – الاسرائيلي، واستنكاف معظم العرب – تحت ضغوط واشنطن – عن مساعدتها، حتى في تخفيف طوق الحصار عنها.
وتواجه حكومة حماس في الداخل، ما يشبه الانتفاضة الفتحاوية الدائمة، لقد تظاهر الفتحاويون، واضربوا، ضد حماس.. أكثر -بكثير- مما فعلوا ضد الاحتلال الاسرائيلي!
ومنذ تولت حماس المسؤولية الحكومية لم تثر قصص فساد كبرى، بينما يواجه قادة الحركة ، تهديدات بالقتل اذا تجرأوا على كشف ملفات الفساد الخاصة بالحكومات الفتحاوية السابقة.
هكذا يتضح ان فشل حماس، داخليا، يعود الى الحرب المتعددة الاشكال التي يشنها التحالف الامريكي – الاسرائيلي ضدها، بينما تواجه التحريض الداخلي المستمر من قبل «شركاء السلام».
وبالمحصلة، فإن المجتمع الدولي، والعربي، يسمح- ويا للاسف- بوضع الشعب الفلسطيني امام خيار مهين وظالم ولا إنساني، بين الحقوق السياسية ولقمة العيش.
المشكلة الرئيسية في فلسطين هي الاحتلال الاسرائيلي لا حماس، ولذلك، فإن المهمة الجوهرية على جدول الاعمال الفلسطيني هي الآن، مثلما كانت منذ ،1967 هي التحرير، والبدء بالعمل لانجاز هذه المهمة يتطلب بالفعل حكومة انماء وطني تضم فتح وحماس وكل القوى الفلسطينية الاخرى، على ان يكون شعارها هو التحرير والدولة المستقلة، وليس الاعتراف بإسرائيل، مثلما يتعهد رئيس السلطة محمود عباس الذي اعلن ان أية حكومة أئتلافية مستقبلية سوف تعترف بإسرائيل.
عباس اذاً، لا يريد حكومة ائتلافية اطلاقا، انه يسعى الى اسقاط حكومة حماس.. او تركيع الحركة واستلحاقها، أي إلغاء ذاتيتها السياسية.
على حماس، أخيرا، ان تكف عن تقديم التنازلات السياسية، فلا أحد يريدها من المعسكر الآخر، ويكفي ان يتذكر قادة الحركة ان قيام حكومة إئتلافية على أساس وثيقة الاسرِى، هو، بالأساس، اقتراح الرئيس عباس الذي لم يجف حبره، وها هو قد تراجع مشترطاً الاعتراف بإسرائيل، اعترفوا بإسرائيل اليوم، وسيكون هناك شرط جديد غدا.
ففي فلسطين ليس ممنوعا فقط الخروج عن نهج أوسلو، بل تداول السلطة ايضا، ورأس حماس مطلوب لانها ارتكبت الاثنتين: معارضة أوسلو والنجاح في الانتخابات.